الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التوبة والرجوع إلى الله تعالى

السؤال

كيف يرجع الإنسان إلى الله ويتوب إليه؟ هل بكثرة الاستغفار فقط؟ وهل هناك أعمال أخرى في الخير؟ وهل هناك أوقات معينة وأماكن معينة للرجوع إلى الله تعالى والتوبة إليه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم/ م ا ع ا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،

نسأل الله العظيم أن يتوب علينا لنتوب، وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

إن باب التوبة مفتوح لا يُغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، وحينها (( لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ))[الأنعام:158] ويُغلق هذا الباب أيضاً إذا بلغت الروح الحلقوم، قال تعالى: (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ... ))[النساء:18]، والله تبارك وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ...، بل ويفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، فسارع إلى الدخول في رحمة الله، واحذر من تأخير التوبة، فإن الإنسان لا يدري متى ينتهي به العمر، ولن يستطيع أحد أن يحول بينك وبين التوبة.

والمسلم إذا أراد أن يرجع إلى الله لا يحتاج لواسطة كما هو حال الناس في هذه الدنيا، فإذا توضأت وكبرت فإنك تقف بين يدي الله يسمع كلامك ويجيب سؤالك، فاستر على نفسك وتوجه إلى التواب الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

والتوبة النصوح ينبغي أن تتوفر فيها شروط بينها العلماء كما يلي:

أولاً: أن يكون صاحبها مخلصاً في توبته لا يريد بها إلا وجه الله، فليس تائباً من يترك المعاصي خوفاً من رجال الشرطة أو خشية الفضيحة، أو يترك الخمر خوفاً على نفسه وحفاظاً لصحته، أو يبتعد عن الزنا خوفاً من طاعون العصر (الإيذر).

ثانياً: أن يكون صادقاً في توبته، فلا يقل تبت بلسانه وقلبه متعلق بالمعصية؛ فتلك توبة الكذابين.

ثالثاً: أن يترك المعصية في الحال.

رابعاً: أن يعزم على أن لا يعود.

خامساً: أن يندم على وقوعه في المخالفة، وإذا كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين فإنها تحتاج لشرط إضافي، وهو:

سادساً: رد الحقوق إلى أصحابها أو التحلل وطلب العفو منهم.

ومما يعين التائب على الثبات ما يلي:

1- الابتعاد عن شركاء الجرائم وأصدقاء الغفلة.

2- الاجتهاد في تغيير بيئة المعصية؛ لأن كل ما فيها يذكر بالمعاصي.

3- الاجتهاد في البحث عن رفاق يذكرونه بالله ويعينوه على الطاعات.

4- الإكثار من الحسنات الماحية (( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ))[هود:114].
وابشر يا أخي، فإن الله سبحانه إذا علم منك الصدق يتوب عليك، بل ويبدل سيئاتك إلى حسنات قال تعالى: (( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ))[الفرقان:70].
وكثرة الاستغفار مطلوبة ومفيدة جداً، وذاك هدى النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ابن عمر رضي الله عنه: (كن نعد للنبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد استغفر الله وأتوب إليه أكثر من مائة مرة)، وقال عليه الصلاة والسلام لحذيفة (... وأين أنت من الاستغفار يا حذيفة؟ وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة)، وقد كان السلف يستغفرون الله كثيراً، ويقصدون الأوقات الفاضلة مثل ثلث الليل الآخر، كما قال نبي الله يعقوب لأبنائه: (سوف أستغفر لكم ربي...)، قال ابن مسعود : ادخر استغفاره لهم إلى وقت السحر.

والمسلم يستغفر الله حتى بعد الطاعات؛ لأنه يعتقد أنه مقصر، ولجبر ما فيها من خلل ونقص، فبعد الصلاة ينبغي على المسلم أن يقول أستغفر الله ثلاثاً، وبعد الحج ... وهكذا.

وقد كان سلف الأمة الأبرار إذا أرادوا السقيا استغفروا الله، وإذا طلبوا المال استغفروا الله، وإذا أردوا الولد استغفروا الله، أو طمعوا في نيل القوة في أبدأنهم وبلدانهم استغفروا الله، وهذا لدقيق فهمهم لقوله تبارك وتعالى: (( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ))[نوح:10-11].
والتوبة لها شروطها كما سبق، ويجب على المسلم أن يتوب إلى الله من كل صغيرة وكبيرة، وعلى المسلم أن يعود لسانه كثرة الاستغفار، فلا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.
أسأل الله لك التوبة والسداد، والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر محمد ابو إسماعيل براحيل

    وإني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى

  • السعودية المشتاقه الي الجنه

    مشكورين ولله يثبتناعلى الدين ادعولي ان الله يثبتني والله يهدي جميع المسلمين ااااامين

  • الجزائر رفيق

    سلام

  • ام لينا

    الحمدلله واستغفر الله يارب يا ارحم الراحمين اهدينا واغفر لنا واجعلني من اهل الجنه واهديني لصلاتي ادعو لي ان التزم بصلاتيلتي

  • مصر ابراهيم ابراهيم عبدالرحمن منصور

    بسم الله الرحمن الرحيم التوبه شئ جميل وهب من الله فمن تاب سوف يحس بى السعادة في كل عمل واهم الاعمال الاستغفار

  • مصر محمد

    الله اكبر ولله الحمد نسئلكم الدعاء لى بالهدياالى الله وجزاكم الله خيرا والسلام

  • غانا الشخ محمد لمين

    استغفرالله لي

  • مصر ايه

    انا من الان عايزه اكون عند ربنا من الصالحين وان شاء الله ربنا يقوينى على كده

  • علا

    جزاك الله خيرا عسى ربي ان يتقبل توبتنا ويرشدنا للطريق الصحيح

  • أمريكا رحاب

    استغفرك ربي و أتوب إليك
    اللهم اغفر لنا ذنوبنا و إسرافنا في أمرنا

  • مصر الراجية غفران ربها

    اللهم ثبتنا على طاعتك وابعدنا عن معصيتك

  • الأردن رضوان الجبور من الاردن

    ما اعظم التوبة وما اجمل من يدخل في رحمة الله

  • الجزائر linda

    اميييييييين.يا.رب

  • المغرب يوسف الساهل

    اللهم إغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم

  • الجزائر شمس الدين

    والله العلي العظيم أريد أن أتوب توبة نصوحة وهذا لأني والله والله خوفا من الله عزوجل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً