الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير أخلاق الطفل الأول بعد مجيء المولود الثاني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أن عندي ولدين -ربي يحفظهم لي ويصلحهم ويبارك فيهم- الأول مضى من عمره ست سنوات، والثاني سنتان ونصف.
مشكلتي مع الأول كان الحفيد الأول للعائلتين أهلي وأهل زوجي، وتدلل زيادة من أبيه وأعمامه، هو متعلق بأبيه جداً، وهو قدوته في كل شيء، هو بمرحلة التمهيدي، دائماً تأتيني شكوى من معلماته، بأنه متمرد على القوانين، رغم أنه طيب وذكي، لكن يحب يلفت الانتباه كثيراً، ويحب يعجب الآخرين على حساب نفسه وأخيه.
مثلاً ممكن في الأماكن العامة أو عند الناس يضرب أخاه لأجل يعجب الأطفال ويضحكون! لا أنكر بأنه يوجد بعض الغيرة من أخيه؛ لأن أباه وأعمامه بدأوا يتعلقون بالصغير؛ لأنه محبوب وهادئ، ومطيع، بخلاف شخصية أخيه الكبير، فهو عصبي عنيد، لا يسمع كلام أحد، وإذا غضب لا يحترم أحداً، يتلفظ بألفاظ سيئة، ويلعن، ولم أستطع أن أخلصه من الألفاظ السيئة واللعن، أجريت جميع الوسائل من الحرمان، الضرب، والعزل لمدة ست دقائق، ولكن لا فائدة، يتعدل بعد العقاب لمدة دقائق ثم يعود، وبدأ أخوه يتعلم منه الألفاظ السيئة.
من كثرة عتابنا له وتوبيخه أحس بضعف شخصيته، وصار يفكر أنه غير مرغوب فيه، ولا يعرف يلعب وحده، ويتأثر بسلوكيات الغير بشكل فظيع، ولا يأخذ إلا الشيء السيء ويمل من ألعابه بسرعة، فهو ملول.
أرجو من الله ثم منكم مساعدتي، كيف أعيد الثقة في نفسه وأقويها؟ وكيف أجعله شخصية مؤثرة تؤثر في الغير ولا تتأثر بالأشياء السلبية؟ وكيف أخلصه من الألفاظ السيئة؟ وكيف أخلصه من الكذب؟ وهل الكذب طبيعي في سنه، بحكم خيالهم الواسع في هذا السن؟
أرجو توجيهي في تطبيق عقاب الاستبعاد لمدة ست دقائق، هل إذا استبعدته واستمر يتلفظ بالألفاظ السيئة أتجاهلها فترة العقاب؟ وبعد ما تنتهي فترة عقابه يرجع من جديد بعد دقائق معدودة لنفس الخطأ فهل أرجع لعقاب الاستبعاد؟ وكم مرة أعاقبه؟ وهل أكتفي بالتحذير لمدة مرتين أو ثلاث ثم أعيد العقاب؟
شاكرة لكم تعاونكم، وجزاكم الله خيراً، علماً بأنا عصبيون ولا نتحمل، وآسفة على الإطالة وكثرة أسئلتي، أرجو توجيهي والرد على جميع أسئلتي.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك ومتابعة ولديك، وهذا أمرٌ جيدٌ، فالمتابعة وبدقة في هذه المرحلة أمرٌ مهم جداً.
أختي الكريمة لابد من ملاحظتين:
1- ولدكم الكبير أخذ الحنان الكامل والرعاية عند غياب أخيه، وفجأة بعدما جاء أخوه وتغير الاهتمام به قليلاً، وهذا أمر ربما يبدو مفهوماً للكبار لكنه للصغير لا يفهم إلا على أنه انتزاع لحقوقه، وهنا يترسب في ذهنه أن الصغير هو السبب، فإذا عوقب أو عوتب أو حرم من أي شيء لا يجعل سبب ذلك تصرفاته، وإنما السبب المباشر اهتمامهم بالصغير وحبهم له هو السبب.
2- ليس العقاب دائماً يكون هو الحل، بل قد يكون العقاب جزءا من المشكلة.
وأتصور يا أختاه! أن الحل يكمن في الخطوات التالية:
1- التحفيز الدائم والمستمر على التصرفات الصحيحة، وإن كانت صغيرة هو أمر مهم، فإذا أنجز الولد أو قال قولاً متميزاً أو فعلاً، أي فعل إيجابي ولو صغيراً، اشكريه وامدحيه، وكذلك والده، والمبالغة في المدح أمر إيجابي جداً في هذه المرحلة.
2- في مثل هذا السن لا يعد الكذب كذباً بالمفهوم الشرعي، وهو يسمى في علم النفس بالكذب التخيلي، وعادة يلجأ إليها أحد اثنين:
الخائف أو صاحب الخيال الواسع.
أمّني الولد من العقاب، واجعليه لا يخاف من أثر فعله الخاطئ حتى لا يلجأ إلى ذلك، وبعد فترة وجيزة سيصبح الحافز الذي وضعناه هو المعيار الذي تتعاملين به معه، فمع الإحسان نزيد في مدحه وفي تحفيزه، ومع الإساءة نقلل من ذلك.
3- حدثيه دائماً من وراء أخيه عن محبة الأخ الصغير له، وأنه يسأل عنه، وفوائد وجود أخ له، ولا بأس أن تعطي الكبير هدية يعطيها للصغير؛ فهذا مما يولد بينهما الألفة.
4- جيد أن يأخذه والده معه في خروجه وحدهما ليحاوره ويتحدث معه، هذا أمر مهم ويولد عنده عودة الاهتمام.
5- خذي رأيه في المسائل المتعلقة بالبيت أو بإدارته، هذا يولد عنده الثقة بالنفس.
6- لا تبالغي في مدح الصغير أمامه، فإن ذلك يحفزه إلى رد عدواني.
7- عوديه سماع كلمة: أحبك يا ولدي، فمثل هذه الكلمات لها أثرها وبخاصة منك ووالده.
8- سهام الليل لا تخطئ، لا تنسي -أختي المباركة- ركعات الليل ودعاء السحر، والالتجاء إلى الله أن يصلحه وأن يهديه.
ونحن بدورنا نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح ولديك وأن يحفظهما وأن يبارك فيهما وسائر أولاد المسلمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً