الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجوز مخاصمة أخي الذي يسب الدين دائمًا ولا يصلي؟!

السؤال

السلام عليكم

هل تجوز مخاصمة أخي الذي يسب الدين دائمًا، ولا يصلي حتى صلاة الجمعة؟!

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فردًا على استشارتك أقول:

سبُّ الدين كفر بإجماع المسلمين، حتى لو كان على سبيل المزاح واللعب كما يفعل البعض، يقول الله –تعالى-: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}، ولأن السب متضمن للبغض والكراهية للدين، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}.

وهكذا ترك الصلاة بالمرة كفر على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ لقول الله –تعالى-: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}، ومفهوم المخالفة: أنهم إذا لم يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فليسوا بإخواننا في الدين، ويقول عليه الصلاة والسلام: (الفرق بين الرجل والكفر ترك الصلاة)، وغير ذلك من الأدلة، ولكن لا تزال التوبة مفتوحة له لقول الله –تعالى-: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، فقد نزلت هذه الآية في بعض الكفار، قال ابن عباس: إن ناسًا من أهل الشرك كانوا قد قَتَلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أنّ لِما عملناه كفارة، فنزلت هذه الآية: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم}.

فمخاصمتك لأخيك ومقاطعته ترجع إلى معرفة المصلحة والمفسدة من ذلك؛ فإن كان سينزجر ويتوب، فتجب مقاطعته، وإن كان لا يبالي بها أو أنه سيزداد انحرافه، فلا تجوز، وأنت أعرف بذلك.

ومع هذا فيجب أن تتحين الوقت المناسب لنصحه، واستعن عليه -بعد الله- بمن ترى أنه يمكن أن يؤثر عليه، وتقرّب إليه بما تستطيع من الوسائل التي قد تؤدي إلى هدايته، ولا تيأس من روح الله، فقد هدى الله صناديد قريش، فأصبحوا من خيرة عباد الله.

أسأل الله له الهداية ولك الأجر والمثوبة، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً