الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يهددني بالطلاق ويسيء إلي كثيراً، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أفيدوني، لجأت إلى الله ثم إليكم، فأنا متزوجة حالياً، ولا أعلم إن كان طلاقي سيكون غداً القريب، فأنا تزوجت منذ سنة وأشهر، وأريد حلاً ومشورة تدلني على الطريق السليم.

زوجي يهددني بالزواج وبالطلاق، ويسمعني ذلك كثيراً، لقد تبينت لي أكاذيب زوجي منذ اليوم الثاني من زواجنا، وفقدت الثقة به تدريجياً إلى أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.

لدي منه طفلة، وأنا موجودة في منزل عائلتي، ووصلت بنا الأمور أنه قال: إن لم أعد إلى المنزل قبل يوم كذا -وحدد التاريخ- فلا ألومه على أي تصرف سيقوم به، لقد أدخلني في حالة نفسية محطمة منذ سنة وأكثر، بالتحقير والإهانات، لا أعلم كيف أتقبل هذا الأمر؟! فرغم كثرة عيوبه إلا أني متمسكة به، وأريد منه أن يسمعني على الأقل.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن أمكن أن تنفذي طلبه وتعودي إلى البيت، ثم بعد ذلك يتم الحوار الهادئ بينكما لحل المشكلات الزوجية فهو أفضل، وإن لم تتمكني من ذلك فابحثي عن شخص موثوق معروف عنده، يقوم بالإصلاح بينكما، وحل الإشكالات التي سببت لكما الخلاف.

إن لم يتم ذلك فاختاري حكماً من أهلك وهو يختار حكماً من أهله ويقومان بالصلح بينكما أو التفريق، وعلى كل حال ننصحك بالصبر والتحمل، ومعالجة الأمور بشيء من التنازل والتغافر، حفاظاً على الأسرة من التشتت والبنت من الضياع.

عليك بالدعاء والالتجاء إلى الله سبحانه أن يصلح حاله، ويحببك إليه، فالله بيده قلوب العباد، وكلما شعرت بالقلق والحزن فعليك بذكر الله والدعاء، وقراءة القرآن والصدقة، حتى ينشرح صدرك، ويذهب ما بك من هم وحزن.

وفقك الله لما يحب ويرضى.
+++++++++++++
انتهت إجابة د. حسن شبالة . مستشار العلاقات الأسرية والتربوية وتليها إجابة د. عقيل المقطري. مستشار العلاقات الأسرية والتربوية
+++++++++++++

مرحباً بك -أختنا الكريمة- في الشبكة الإسلامية، ورداً على استشارتك أقول:
لم تخبرينا عن الصفات التي يحملها زوجك، ومن ذلك هل هو من المصلين أم أنه قاطع صلاة؟ وهل كان زواجه بك عن رغبة منه أم أنه أجبر على ذلك، وكان يرغب في الزواج بفتاة أخرى؟ وهل يقوم بواجباته الأخرى كما ينبغي أم أنه مقصر؟ وهل يبدي لك الأسباب التي تجعله يتعامل معك بهذه الطريقة أم لا؟ وهل تعامله معك بهذه الأخلاق في أوقات محددة كفترة الليل أو عند قيامه من النوم أم في كل أوقاته؟ وهل لاحظت تغيره في أوقات محددة كحال عودته ليلاً؟ وما نوع رفقائه، وغير ذلك من المعلومات التي قد تفيدنا في حال الإجابة عن استشارتك.

واضح أنكم تسرعتم في موضوع الزواج، ولم تكلفوا أنفسكم في البحث عن الصفات التي يتصف بها، وربما اغتررتم بالصفات الظاهرة أو اكتفيتم بوصف بعض الناس لهم.

هذا الرجل وإن كان متدينا لكنه ليس صاحب خلق أو ثمة نقص في أخلاقه، وإلا فالمرأة لا يكرمها إلا كريم ولا يهينها إلا لئيم، وصاحب الدين والخلق إن أحب امرأته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان، كما أمر الله تعالى فقال: (إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ).

الذي أراه أن تعودي إلى بيتك وأن تتحيني الفرصة المناسبة في حال صفاء ذهنه، أو تطلبي منه جلسة للتفاهم، فبيني له أنك رغم ما تعانين فإنك تحبينه، وأنك مستمسكه به، واطلبي منه أن يبين لك الأسباب التي تجعله يتصرف معك بهذه الطريقة، كي تجتنبي ما يغضبه وتفعلي ما يرضيه.

لا شك أن انفعالاته لها مسببات، ولعلك قد عرفت ذلك فاجتهدي في اجتناب تلك المسببات، أما إن كانت تصرفاته من دون تصرفات تبتدئ منك فحينئذ لا بد من الاجتهاد في معرفة الأسباب والدوافع التي تجعله يهينك ويحقرك، ويهددك بالطلاق والزواج عليك.

لا شك أن ما تعانينه أمر مقدر عليك من قبل أن يخلقك الله، فلابد أن تكوني مؤمنة بقضاء الله وقدره، وراضية به، فإن الجزاء يكون بقدر البلاء، والله تعالى إذا أحب عبداً ابتلاه، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.

اجلسي مع نفسك جلسة مكاشفة، وانظري هل ارتكبت ذنباً ولم تتوبي منه؟ وكلنا أصحاب ذنوب، وأنا هنا لا أتهمك، غير أن الإنسان أحياناً يحقر بعض الذنوب وهي عند الله عظيمة، فما أكثر الغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم، والتقصير في العبادات، وغير ذلك، فإن وجدت شيئاً من ذلك فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما ارتفع إلا بتوبة، والله تعالى يقول: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).

وثقي صلتك بالله تعالى، وأكثري من الأعمال الصالحة، كنوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن، واجتهدي في تقوية إيمانك، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة، كما وعدنا الله بذلك فقال: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فالتجئي إليه وانطرحي ببابه وتذللي بين يديه، وسليه وأنت في الصلاة وحال سجود، وتحيني أوقات الإجابة، واطلبي منه أن يصلح زوجك ويلهمه رشده، وأن يقذف في قلبه محبتك، وأن يؤلف بين قلوبكما، فلعلك توافقين ساعة إجابة.

واضح أن زوجك يعاني من ضعف في إيمانه، وانعكس ذلك على أخلاقه فاجتهدي في تسليط الصالحين عليه، وهذا سيكون بالتعاون من زميلاتك ممن لهن أزواج أو إخوان صالحين، فيسلطنهم لمرافقته ومصاحبته، ومحاولة التأثير عليه، وسحبه عن رفقائه السيئين إن وجدوا، فالمرء على دين خليله والصاحب ساحب.

كثرة المشاكل في السنين الأولى من الزواج طبيعية نظراً لقلة الخبرة في إدارة شئون البيت، ولاختلاف البيئات التي تربى عليه كلا الزوجين، ولعل هذا الرجل تأثر بالبيئة التي نشأ فيها.

لماذا لا تتواصلين مع أبيه وأمه، وتسرين إليهم بمعاناتك من ابنهم وتطلبين منهما نصحه بطريقة لا تشعره أنك من طلب ذلك؟ وهل هنالك من أفراد أسرته من يحترمهم ويجلهم ويقبل نصحهم؟ فإن وجد فتوصلي إليهم عن طريق النساء لينصحوا زوجك بطريقة غير مباشرة، بحيث لا يعرف أنك طلبت ذلك.

الزمي الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم، وكشف الكروب، كما قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها (إذاً تكفى همك ويغفر ذنبك).

الصبر عاقبته خير، ولا تتعجلي في الأمور، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (التأني من الله والعجلة من الشيطان).

في حال عدم نفع ما سبق فلابد أن يتدخل والدك ويطلب زوجك للتفاهم معه ومحاولة تقريب وجهات النظر ما أمكن فإن لم يحصل تفاهم فلا بد أن يطلب والده لحل الإشكال الذي بينكما فإن لم ينفع ذلك فحكم الله وهو أعدل الحاكمين قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) فما حكم به الحكمان سيكون فاصلاً للنزاع، فإن لم يقبل زوجك فارفعوا القضية للمحكمة الشرعية التي ستلزمه بتنفيذ ما ستحكم به.

أسأل الله تعالى أن يصلح زوجك وأن يفرح قلبك باستقامته وصلاحه وأن يسعدك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً