الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خدعت الكثير عبر الإنترنت وأكلت أموالهم، فكيف السبيل للتوبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 26سنة، متزوج منذ أربع سنوات ولدي ولد وبنت، كنت أعمل على الإنترنت في أحد المواقع والمنتديات في مجال البرمجة، وتصميم مواقع وخدمات الإنترنت، وكان الناس يتواصلون معي، ويطلبون مني خدمات إلكترونية، وبعد تحويل المبالغ المتفق عليها لا أعمل لهم شيئا، فكنت آخذ الأموال الباهظة دون تنفيذ خدماتهم، وكنت وقتها لا أفكر في العذاب والموت، ولكن بعد الزواج وإنجاب الأطفال، خفت خوفاً شديداً من الله -عز وجل-، ومن عذاب القبر، وأفكر كثيرا ماذا سيكون حالي بعد الموت؟ وأفكر في موت الفجأة وأنا على هذا الحال، وأريد أن أتوب لله -سبحانه وتعالى-، ولا أريد الاستمرار في هذا الطريق؛ لأني -بكل صراحة رغم توفر الأموال الكثيرة جدا- لا أشعر بالسعادة، ولا بالراحة والاطمئان.

حياتي مظلمة، ومرعبة، ومخيفة كأنها كابوس، ودائما أقع في مشاكل زوجية بدون سبب، وأشعر بضيق وألم في الصدر، مع سرعة في دقات القلب، وأحلام وكوابيس مرعبة ومخيفة، قررت الابتعاد عن هذا الطريق، وأكل أموال الناس، وقررت أن أمشي على الصراط المستقيم، وتحت رحمة الله سبحانه وتعالى، ولكنني عاجز عن إرجاع الحقوق لأصحابها؛ لأنني تصرفت فيها، ولم يبق معي شيء منها، وأنا الآن لا أعمل، ولا يتوفر لدي مصدر دخل بسبب الأوضاع الصعبة، والحصار الذي نمر به في بلدنا.

أشعر بالندم الشديد على ما فعلته، وأخشى الموت وعذاب القبر، قبل سنة كانت زوجتي حاملاً بجنين مشوه في الشهر الرابع، وعند إجهاضه لم تتضح معالمه، ولم يعرف هل هو ذكر أو أنثى؛ عندها شعرت أنها عقوبة، وابتلاء من الله على ما كنت أفعله من ذنوب ومعاصي، ودائماً أفكر في يوم الحساب وعذاب القبر، لأنني أريد أن أرتاح في قبري، أتمنى أن أجد عندكم طريق التوبة إلى الله، لكي يقبل الله توبتي، ولتكون حياتي جميلة وسعيدة، وينشرح صدري.

وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

باب التوبة مفتوح لمن أناب ورجع إلى الله -سبحانه وتعالى-، وكونك استشعرت خطر الذنب، وخفت من الله تعالى، ورغبت في التوبة إليه سبحانه، فهذا دليل خير وصحوة ضمير لديك، ولكن اعلم أن شروط قبول التوبة: الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه، هذا إن كان الذنب في حق الله، وإن كان الذنب في حق المخلوقين، فيضاف إليها شرطاً رابعاً وهو التحلل من صاحب الحق، أو إعادة الحق لصاحبه.

وعليه، فمن شروط صحة توبتك أن تتواصل -إن أمكن- مع أصحاب الحقوق، وتطلب منهم السماح، فإن سامحوك -فالحمد لله-، وإن لم يسامحوك فتبقى أموالهم ديناً في ذمتك، وأخبرهم أنك ستسعى في قضائها متى يسر الله لك، ومن نوى القضاء بصدق يسر الله له ذلك، وإن خشيت أن تسجن إذا أخبرتهم بذلك، أو أن تتابع قضائيا، فاحصرها واجعلها ديناً في ذمتك لهم، وابدأ بالبحث عن سدادها، ولو من أهل الخير، أو من خلال عمل مباح، وكلما توفر لك مبلغ أرسله لشخص من أصحاب الحقوق بطريق غير مباشر، حتى تنتهي من قضائها، وأكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، حتى تمحى سيئاتك، وتهدأ نفسك، وينشرح صدك، وما أصابك قد يكون ابتلاء من الله لك، أو استجابة لدعوة مظلوم دعا عليك، لذا فاحرص على التحلل من مظالم الناس بقدر استطاعتك، وأمل خيرا في ربك، فهو كريم عظيم غفور رحيم.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين خالد

    ربنا يتوب عليك ويغفرلك ويسامحك والحمدلله ان ضميرك حي وتعنل حساب للآخرة والموت وتخاف من الله فهناك كثيرون غارقون في الذنوب والمعاصي ولا يخافون الله وليس في قلوبهم رحمة ولا ضمير. أسأل الله أن يصلح احوالنا ويهدينا الى الصراط المستقيم

  • Zakarea

    نسأل الله أن يحي ضمائر المسلمين والمسلمات جميعاً وأن يثبتهم عن الأسلام الصحيح

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات