الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي شغف بلبس الملابس الجميلة لدرجة الوسوسة، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم..

أخي الدكتور/ محمد عبدالعليم لك مني التحية والتقدير خاصة، ولأعضاء الموقع والاستشارات والعاملين فيه عامة، وأسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء ولجميع القراء وأصحاب الاستشارات.

أرجو من الله ثم منك أن تساعدني في حل هذه المشكلة، وأن تقرأ الرسالة كاملة.

أنا شخص مهتم في لبسي ومظهري كثيرا، وكنت إذا لبست ملابس جميلة أحس بالسعادة، وأني أستطيع فعل أي شيء.

منذ سنة ونصف قدر الله وما شاء فعل رسبت في مادة في الجامعة، وأعدتها، ولكن أثناء دراسة المادة كان القلق والخوف ينتابني من أن أرسب مرة أخرى، وكنت أحاول تجاهل ذلك الشعور باللبس الجميل، وأقول في نفسي مادام لباسي جميلا فسأنجح بإذن الله.

وفعلا نجحت في المادة، ولكن في السنة التي بعدها جاءني نفس الدكتور في مادة أخرى، وكان عندي خوف منه وقلق شديد، وهم وحزن، وكنت أقول في نفسي لا تهتم لأن الهم ينزل الوزن، وصرت أخاف أن ينزل وزني وتصبح ملابسي واسعة علي، فيصبح شكلي غير جميل وغير لائق، ولا أستطيع تفادي المشكلة مثل السنة التي قبلها، ومن هنا بدأ الوسواس القهري في موضوع الوزن والخوف من وسع الملابس، وإذا أكلت قليلا أحس بعد الأكل بصداع قوي جدا، وألم في المعدة، مع تسارع في نبضات القلب.

وإذا أكلت كثيرا يأتيني الخوف من السمنة، وإلى الآن لا أستطيع لعب الرياضة بشكل يومي، أو المشي، حتى أصدقائي الذين كانوا يتصلون بي في أوقات الدراسة لممارسة الرياضة كنت أعتذر لهم وأقول بأني مشغول، والسبب أني لا أريد أن ينزل وزني وبالتالي تصبح ملابس واسعة، ويكون شكلي غير جميل، وكنت حتى أتفادى ذلك الخوف بلبس ملابسي القديمة لكي أقنع نفسي بأن جسمي لم يتغير منذ سنوات، وأن هذه السنة أيضا لن يتغير.

وبفضل الله تخرجت من الجامعة، وبعد التخرج لبست الملابس الجميلة، ولكن كنت أتوقع أنني بعد التخرج من الجامعة ستذهب المشكلة، ولكنها ما زالت موجودة ومسيطرة على عقلي، مما سبب لي الكثير من الخوف وتأنيب الضمير، فقد كنت أعتقد أن سر سعادتي ونجاحي هي الملابس، وأقول لو كان لباسي متواضعا وواسعا ما أصبت بهذه المشكلة، ولكن أتعوذ من الشيطان وأقول بأنه ابتلاء من الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقد أعاقني هذا الشيء في حياتي عن التقدم لعمل، فأصبحت عاطلا عن العمل، ومستعد للتخلي عن أي شيء كي ترجع حياتي طبيعية، رغم أنني أحيانا أقول سأتحدى الوسواس والخوف، وسأمارس الرياضة، وسألبس لبسا واسعا للتخلص من الوسواس، ولكن بدون فائدة، فالتفكير والخوف والأوجاع موجودة، وخصوصا الأوجاع التي تأتي من الوسواس والصداع، وآلام في البطن، وخوف من عدم النوم في الليل.

أنا مدرك أن هذه وسواس وأفكار خاطئة وسخيفة، فهل علاجي دوائي أم سلوكي؟ وإذا كان دوائي، فأنا أريد أدوية لا تسبب لي مشاكل جنسية مثل الضعف الجنسي والعجز الجنسي في المستقبل، ولا تسبب لي الإدمان فيما لو تركتها، ولا السمنة.


وقد قرأت عن علاج السيروكسات، ولكني خفت منه كثيرا، خصوصا أني أخاف من السمنة، لأنه يسبب زيادة في الوزن بشكل مبالغ يصل إلى 15 كيلو، ويسبب ضعفا جنسيا.

أما إذا كان علاجي سلوكيا، فهل العلاج السلوكي يعالج الوسواس القهري والخوف والقلق؟ علما بأن المدينة التي أسكن فيها لا يوجد بها عيادة أو مستشفى للأمراض النفسية، وقد أخذت جلسات نفسية مع معالج نفسي عن طريق التواصل بالهاتف، ولكن للأسف لا زال الوسواس والخوف موجودين.

وجزاك الله كل خير، وجعلها الله في ميزان حسناتك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ونشكرك –أخي- على الثقة في إسلام ويب، وعلى كلماتك الطيبة في حق الموقع والعاملين به.

تفهمت رسالتك، وهي واضحة، وشرحك طيب وجميل ومنسق.

بالفعل -أيها الفاضل الكريم- الأمر الوسواسي هذا الذي تتحدث عنه حول لبس الملابس ناشئ من الوسواس، الذي يتضح لي أيضاً أن شخصيتك أصلاً ذات ميول نحو قلق المخاوف، ولذا قد تتضخم وتتجسم لديك المشاعر السلبية حتى وإن كانت بسيطة، وخاصة المشاعر ذات الطابع الوسواسي.

أيها الفاضل الكريم: العلاج السلوكي هو أن تفعل ضد ما هو غير منطقي في حياتك، نعم الدخول في مثل هذه البرامج يسبب شيئا من القلق النفسي، بل قد يسبب شيئا من الألم النفسي، وهذا هو المهم، لأن التنفير مما هو وسواسي والقيام بضده يتطلب بالفعل مرحلة صبر.

فأنا أقول لك طبق ما هو ضد وساوسك، والتطبيق إذا كان يومياً فإنك ستحتاج لفترة أسبوعين لتحس أن الأمور قد رجعت إلى طبيعتها، وأنك بالفعل قد انتصرت على هذا الوسواس، وفي هذه الحالة تحس بالمردود النفسي الإيجابي العظيم جداً.

ويا أخي الكريم: تغيير نمط الحياة في حد ذاته يؤدي إلى خلل وهشاشة الوساوس، فمثلاً تنظيم طريقة نومك تجعله نوما ليليا، أن توسع من علاقتك وشبكتك الاجتماعية، أن تبدأ في حفظ شيء من القرآن الكريم، أن تمارس الرياضة بانتظام، أن تكثر من القراءة والاطلاع، أن تشاهد البرامج الجميلة التليفزيونية، أن تخرج مع أصدقائك، أن يكون هناك نوع من الترفيه الجميل عن النفس.

أخي الكريم: هذه المدخلات الجديدة في الحياة إذا واظب الإنسان عليها قطعاً تؤدي إلى تغييرات، وتحاصر الوسواس، أي العلاج السلوكي يجب أن لا يكون فقط موجها نحو العلة الوسواسية، إنما هو تغيير شامل في نمط الحياة، فأرجو أن يكون هذا هو منهجك.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي:
فأنا أعتقد أن البروزاك سيكون دواء مناسب جداً لك، وهو لا يزيد الوزن، ولكن ربما يؤدي إلى شيئ من تأخير القذف المنوي عند الجماع، ولكن ليس له آثارا جنسية سالبة، خاصة إذا كانت الجرعة بسيطة مثل كبسولة واحدة في اليوم، وأنا لا أعتقد أنك تحتاج إلى أكثر من ذلك، 20 مليجرام يومياً تناولها مثلا لمدة 6 أشهر وهذه ليست مدة طويلة أبداً، وبعد انقضاء الـ 6 أشهر اجعل الدواء كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول، وميزة البروزاك بهذه الجرعة البسيطة أنه -إن شاء الله تعالى- سوف يكون فاعلا، ولكن يجب أن تصبر على فاعليته، لأنني لا أتوقع منه فاعلية حقيقة قبل مضي 4 أسابيع من الاستعمال المتواصل.
ثانياً: لا يزيد الوزن.
ثالثاً: الأثر الجنسي كما ذكرت لك غالباً ربما يكون شيئا من تأخير القذف المنوي البسيط، ولكنه لا يؤدي قطعاً لأي نوعاً من الخلل في الهرمونات الذكورية أو الصحة الإنجابية.

ويتميز البروزاك بأنه ليس له آثارا انسحابية حين يتم التوقف عنه، وذلك نسبة لأنه يحمل إفرازات ثانوية تظل في الدم لفترة أسبوع على الأقل من توقف العلاج.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً