الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في مدينة ليس فيها أقرباؤنا وأشعر بالحزن لذلك!

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي منذ كنت صغيراً إلى الآن في السعودية، نسكن في مدينة ليس فيها أي أحد من أقاربنا أو معارفنا، ويوجد في مدينة أخرى الكثير من الأقارب، وأتمنى أن نسكن في نفس المدينة، للأسف الله -عز وجل- لم يكتب لنا، وهذه المشكلة استمرت 15 سنة تقريباً، وتعبت.

عندما أزورهم أفرح كثيراً، وأرجع مقهوراً، يضيق صدري بشدة، حتى صرت أتخيل الجو عندهم، والمكان، والشوارع عندهم؛ لأنها تختلف عن مدينتنا، وهل هذه الحالة طبيعية؟ وماذا أفعل لنفسي وكيف أتصرف؟

ساعدوني، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في الشبكة الإسلامية ورداً على استشارتك أقول:

لم تذكر لنا طبيعة حياتك، وهل أنت متزوج أم ما زلت تعيش في إطار أسرتك؟ وهل عندك وظيفة أم لا زلت طالبا؟ وكيف هي علاقتك مع أفراد أسرتك؟ فبعض الإجابات قد يكون لها تعلق بإجابة المستشار، والذي يظهر لي أنك ما زلت في إطار أسرتك، وكأنك لا تزال طالبا، وعليه فلا يمكنك الانفكاك عنهم في هذه المرحلة.

- اجتهد في تقوية علاقتك وارتباطك مع أفراد أسرتك، فاقترب منهم أكثر، وعلق قلبك بهم، فتقوية تلك العلاقة هي المطلوبة، وستنسيك -بإذن الله- غيرهم، فلربما ضعف علاقتك معهم يكون من أسباب حنين نفسك واشتياقها، فهي ترتاح لهم وتسعد برؤيتهم ولقياهم.

- أشغل وقتك في كل عمل مفيد كممارسة الرياضة وهواياتك الأخرى؛ فوجود الفراغ هو الذي يجعلك دائم التفكير بتلك المدينة.

- لا تعط نفسك الرسائل السلبية ككراهية السكن في المدينة التي أنت فيها، واختلاف العيش فيها عن المدينة الأخرى، وتزيين تلك المدينة لنفسك؛ فهذه الرسائل السلبية يتلقاها عقلك ويتعامل معها، فينتج عندك الشوق والحنين الدائم، وربما أصبت بالحزن وأجهشت بالبكاء.

- الفرح عند لقاء أبناء الأعمام والأخوال وبقية الأقارب والحزن والبكاء عند مفارقتهم أمر طبيعي جدا، وهذا يدل على أنك صاحب مشاعر رقيقة.

- يبدو أنك عاطفي للغاية، ولذلك تحن للسكن مع أقاربك وتحزن لمفارقتهم، وتفرح بلقياهم، وتبكي لمفارقتهم وفقدهم، وهذا طبيعي في سن ما بين 15ـ 20 عاماً، وقد تمتد بعد ذلك بسنين.

- لن تبقى عندك هذه المشاعر بنفس المقدار إن تزوجت، ودخلت في معترك العمل.

- ابن لنفسك صداقات صالحة، وشارك في الأعمال المجتمعية والأنشطة الخيرية المختلفة؛ فذلك سيجلب السرور إلى قلبك، وسيحبب إليك العيش في المدينة التي أنت فيها -بإذن الله-.

- تذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم -أخرج من أحب البلدان إلى قلبه، ومع هذا تقبل السكن في المدينة، وتعايش معها، فصارت محببة إليه، فهو قدوتنا في هذا الأمر وغيره.

- ابن مستقبلك بشكل صحيح، واهتم بمعالي الأمور، واترك سفاسفها.

- بإمكانك أن تتناقش مع والديك حول إمكانية الانتقال إلى تلك المدينة، إن لم يكن في ذلك تضرر لمصالح الأسرة، وإلا فسكن الإنسان حيث مصالحه ورزقه.

- خروج الإنسان من بلده أو مدينته والانتقال إلى بلد أو مدينة أخرى يسير وفق قضاء الله وقدره، وعلى المؤمن أن يكون راضيا بما يقدره الله له، فذلك جزء من الإيمان.

- يكفيك أن تبقى على تواصل مع من تحب من أفراد أسرتك في تلك المدينة، وأن تقضي معهم بعض الأيام أثناء العطل والإجازات.

- أكثر من الاستغفار؛ فإنه يزيل الهم والغم، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً).

- اجتهد في توثيق صلتك بالله تعالى وتقوية إيمانك، من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة، وخاصة تلاوة القرآن؛ فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة كما وعد الله بذلك، فقال: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

- اجعل لنفسك ورداً يومياً من القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك -بإذن الله-، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات