الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصابتني حالة مفاجئة وأصبحت أوسوس كثيرا وأخاف من الأمراض.

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب متزوج في ال 30 من العمر، لدي ولدان، الطول 177، الوزن 86، بدأت القصة منذ ثلاث سنوات، عندما فجأة ضاقت نفسي قبل النوم بدقائق، وبعد عدة فحوصات طبية شملت تخطيطا للقلب وتحاليل طبية، وصورا للرقبة والعمود الفقري تبين أنه ليس لدي أي مشاكل، وتم تشخيص حالتي على أنها وسواس، وتم إعطائي بعض الأدوية المهدئة مثل: الزولام عيار 0.5 ، ومنذ ذلك الحين لم أمض يوما واحدا دون التفكير بالمرض، وخصوصا الأمراض الخبيثة.

اختلفت حياتي كثيرا، فأصبحت عصبيا لأتفه الأسباب، مع أنني مشهور ببرودة أعصابي، أفكر كثيرا، ويظهر كل فترة بعض الأعراض في جسمي كنغزات من جهة القلب، وتشنج بالكتف الأيسر وبالرقبة، وحرقة في أعلى المعدة، وكل ما صار معي عارض أصبحت أفكر بتوابعه، ولم أعد أراجع أي طبيب، ولكن ما زلت آخذ حبة زولام عند التوتر قبل النوم.

أعيش حياة يتوفر فيها كل شيء والحمد لله، كوني أعمل صحفيا بمرتب جيد، ومن أشد الضغوطات التي أعيشها هي أجواء الحرب والموت؛ كوني أعيش في سوريا في أشد المناطق اشتعالًا، وأفتقر للحياة السعيدة بسبب تفكيري الدائم بالمرض وخوفي منه.

أحافظ على صلاتي، ومتدين والحمد لله إلى حد مقبول إن شاء الله.

بارك الله بكم جميعا، وبانتظار ردكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك -أخي الكريم- في الشبكة الإسلامية.

ومن الواضح -كما تفضلت ومما سردتَّه- أنا أرى أن أعراضك في مجملها نُسمّيها بـ (الأعراض النفسوجسدية)، بمعنى أن القلق والتوتر هو الباعث لكل الأعراض الجسدية التي تعاني منها، وهذه الحالات شائعة -أخي الكريم- وقطعًا تؤدي إلى شيء من الوسوسة والتوجُّس، لأن الإنسان يتخوّف حين يجد أعراضًا ولا يجد تفسيرًا كاملاً لها.

عمومًا: الحمد لله تعالى فحوصاتك سليمة، وهذا هو المتوقع، وأريدك -أيها الفاضل الكريم- أن تقنع نفسك بأن الذي بك هو قلق نفسي أدَّى إلى هذه الأعراض، والظرف الحياتي الذي تعيشه قطعًا له تأثيره، لكن إن شاء الله أنت لديك القدرة والمقدرة والكفاءة التي تؤدّي بها عملك كصحفي في منطقة نعرف أن فيها الكثير من الاضطرابات وعدم الاستقرار وعدم الأمان، نسأل الله تعالى أن يُعيد لبلادكم الاستقرار والأمان.

سيكون -أخي الكريم- بجانب إيجابية التفكير أن تحرص على ممارسة الرياضة، قد يكون وقتك لا يسعك، لكن الرياضة تقوي النفوس، الرياضة تحفِّز التفكير الإيجابي، الرياضة تُساعدنا على إيجاد حياة إيجابية.

الأمر الآخر هو: أن تُنظِّم وقتك بقدر المستطاع، وأن تُكافئ نفسك على إنجازاتك -أخي- لا تُحقِّر أبدًا ما تُنجزه وما تقوم به حتى ولو كان بسيطًا، وتحفيز النفس يكون من خلال استشعار الإيجابية، استشعار أنك شخص مفيد، استشعار أنك شخص لا تستسلم للصعوبات.

أخي: العلاجات الدوائية جيدة ومهمَّة حقيقة، عقار (زولام) هو عقار جيد وممتاز، لكن نعتبره علاجًا وقتيًا، يُعالج الأعراض ولا يُعالج الأمراض، وفي ذات الوقت قد يؤدي -أيها الفاضل الكريم- إلى التعود.

الأدوية المناسبة بالنسبة لك: عقار يُعرف باسم (دوجماتيل) ويُسمى علميًا (سلبرايد)، دواء بسيط جدًّا لكنّه فاعل جدًّا لعلاح القلق والتوترات من النوع الذي تُعاني منه.

الأمر الثاني هو: استعمال دواء مضاد للمخاوف أمرٌ مهم، وعقار (سيرترالين) والذي يُسمى تجاريًا (زولفت) هو الأفضل. تبدأ في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك تجعلها حبة واحدة ليلاً، ومدة العلاج يجب ألا تقل عن ستة أشهر، بعدها يمكن أن تخفض الجرعة إلى نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله.

أما بالنسبة للدوجماتيل فالجرعة هي خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أدوية سليمة، أدوية فاعلة، نسأل الله تعالى أن يجعل لك فيها خيرًا، وأؤكد لك أنها غير إدمانية.

أرجو أن تُقلل أو تتوقف تمامًا عن استعمال الزولام؛ لأن التعود في حالتك وارد، وكذلك الأدوية التي وصفتها لك سوف تُغنيك إن شاء الله تعالى عنه.

أنا سعيد أنك محافظ على صلاتك، وأنك متدين، ولا شك أنه بذكر الله تعالى تطمئن القلوب.

ونود أن نلفت عنايتك في قولك: ((ومتدين والحمد لله إلى حد مقبول إن شاء الله))، فالإنسان قد يكون تدينه مقبولًا عن الناس ويرونه الناس كذلك، ولكن المهم هو القبول عند الله تعالى، وهذا لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ويجب على الإنسان ألا ينظر إلى جهده وأعماله بعين الرضا والقبول، بل يجب أن يرى نفسه دائمًا مقصرًا وأنه لم يعبد الله حق عبادته، ولم يذكره حق ذكره، ولم يشكره حق شكره، فنرجو منك أن تسعى وتجتهد دائما فيما يرضي الله تعالى، وأن تحاول تقوية إيمانك وتجديده، وحول وسائل تقوية الإيمان راجع هذه الروابط: (240748 - 231202 - 278059 - 278495)، وحول معالم السبيل إلى الله: (258546 - 247251 - 2124842).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً