الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأنني سأموت ونهايتي قريبة فهل أصدق هذه الوساوس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دكتور: أنا أعاني من الوساوس والمخاوف من المستقبل، ومن الموت، في إحدى المرات وأنا أتحدث مع صديقي وهو في سنته الأخيرة في الجامعة، وفي الحديث كان يقول بأنه لا يستطيع إكمال العيش بعد الدراسة الجامعية من دوني، -بحكم أننا لسنا من نفس المحافظة-، وقال كيف أستطيع إكمال هذا العام من دونك، فراودتني الوساوس بأنني سأموت هذا العام، وراودتني أيضا عندما قال لي أحد أصدقائي بمزاح عصبي إنني بانتظار اليوم الذي أفارق فيه أمثالك، فرد الآخر قائلا له: شهرين وترتاح منه، فعاد الوسواس وأنه بعد شهرين سيحصل لي شيء ما، وليلتها حلمت بأبي المتوفى وهو يعطي أخي حبتين من الثوم ليقشرهم، فلا يستطيع أخي، ثم أخذت الثوم وقمت بالتقشير، صحوت وأنا مفزوع وأبحث عن تفسير الحلم، فوجدت أنه حلم سيء الفال، تعطلت بعده حياتي وتوقفت مصالحي.

أفيدوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رافع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي: الأمر في غاية البساطة، هذا النوع من المخاوف يجب أن يُحقّره الإنسان، ويجب أن يكون إيمانك إيمانًا يقينيًا بأن الأعمار بيد الله، وهذا الذي يُقال من كلامٍ هنا وهناك هذا ليس صحيحًا أبدًا، والموت يجب أن نخاف منه خوفًا شرعيًا وليس خوفًا مرضيًا، الخوف الشرعي يقودنا إلى الالتزام بديننا وأن نعمل لما بعد الموت، فمن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل.

أما الخوف المرضي فهو النوع الذي تتحدث عنه، وهنا تبني اليقين القاطع أن هذا الكلام الذي قيل لا أساس له أبدًا، وتعيش الحياة بقوة، تُحقّر مثل هذا الوسواس، وتسأل الله تعالى أن يحفظك وأن يعافيك وأن يُطيل عمرك في عمل الصالحات، (اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه)، (اللهم أصلح ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر)... هكذا الأمر، ليس أكثر من ذلك.

وموضوع الأحلام المزعجة -أخي الكريم- هذه معظمها أمور وسواسية والإنسان يجب ألا يشغل نفسه بها، وعليك أن تسأل الله خيرها وتستعيذ بالله من شرِّها، ولا تحكيها أبدًا، وطبّق ما هو مطلوب، بأن تتفل على شقك الأيسر ثلاثًا حين تأتيك مثل هذه الأحلام كما وصفت.

أخي الكريم: الدواء يساعدك قطعًا في التخلص من مثل هذا النوع من الخوف الوسواسي، ودواء مثل عقار (سبرالكس)، سيكون مفيدًا جدًّا إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تستطع فيمكنك الحصول عليه من الصيدلية وتناوله، بشرط أن يكون عمرك أكثر من عشرين عامًا، الجرعة صغيرة في حالتك، وهي أن تبدأ بنصف حبة خمسة مليجرام، تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: كن أيضًا شخصًا فاعلاً ونشطًا، ونظم وقتك، واحرص على صلواتك في وقتها، وزود نفسك بنور العلم، وكن نافعًا لنفسك ولأسرتك، هذا يزيح هذا النوع من الوسواس الذي لا أساس له أصلاً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً