الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى من الزواج بسبب وساوس في الضعف الجنسي.. ما النصيحة؟

السؤال

السلام عليكم

كل ما نقوله لشكركم فهو قليل، فنرجو من الله أن يوفقكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، طالب جامعي، بقي لي شهران على التخرج، تسيطر علي الكآبة معظم الوقت، تعرفت على فتاة منذ سنتين أعجبتني أخلاقها، ومنذ أن رأيتها كانت نظرة للزواج بها في المستقبل، أحببتها؛ لأني رأيت فيها الفتاة المثالية، كنت خائفا من أن أهلي سيرفضونها، فقد تعلقت بالفتاة تعلقا شديدًا لدرجة عندما أفكر بأنها ربما ستكون من نصيب غيري، أشعر بالكآبة والحزن، لكن بمجرد أني أخبرت أهلي وافقوا عليها، وسيذهبون للخطبة بعد شهرين -إن شاء الله-.

بدأت أخاف من الزواج والمسؤولية، وأفكر بأن الناس ستنظر لي بأني ما زلت صغيرا على الزواج، وأخشى من البرود الجنسي بسبب العادة السرية، وأخاف أن أظلم الفتاة بعد الزواج، وأنا على يقين بأني لن أجد فتاة خيرا منها في الأخلاق والدين.

أعاني من الوسواس كثيرا، من فضلكم أجيبوني وانصحوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ malik حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم- في الشبكة الإسلامية، وجوابا على استشارتك أقول:
نبارك لك قرب تخرجك، ونسأل الله تعالى أن ينفع بك أمتك، وأن يجعل مستقبلك زاهرا ومشرقا.

من توفيق الله لك أن جعلت معيار شريكة حياتك الخلق والدين قبل أي صفات أخرى، فذلك هو صمام أمان الحياة الزوجية السعيدة.

للمعاصي والذنوب آثار مدمرة للحياة ألم تسمع قول الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}، ألا ترى وتحس كيف أثرت المعاصي على حياتنا واستمع بتمعن إلى قول نبينا عليه الصلاة والسلام وهو يحذرنا من المعاصي حيث يقول: (إن الحجر الأسود نزل من الجنة، وكان أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا المشركين)، ويقول: (لولا بنوا إسرائيل لم يخنز اللحم)، أي لولا ذنوبهم لما تعفن اللحم، ودقق التفهم بقوله: (وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

إن أردت زوال الكآبة من حياتك، وأن يبدلك الله سعادة غامرة فعليك أن تقلع عن العادة السرية، وأن تترك كل ذنب فالتوبة تمح ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

الشيطان الرجيم هو من يزين للإنسان المعاصي كما قال عن نفسه: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}، وقال: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا}، وقد أمرنا الله تعالى باتخاذه عدوا غير أن البعض يهرول وراء وساوسه ويتبع خطواته فاستعن بالله في مخالفته وعصيانه.

من آثار المعاصي أن يتقوى الشيطان الرجيم على العاصي ويداهمه بوساوسه التي تكدر حياته، فإن أردت السعادة، وزوال الهم فيجب عليك أولا أن تنتصر على نفسك الأمارة بالسوء، ثم الانتصار على الشيطان الرجيم أما انتصارك على نفسك فيكون بمخالفة هواها ومشتهاها المخالف لدين الله، وأما الانتصار على الشيطان فبعدم الإصغاء إلى وساوسه، وقطع خواطره وعدم الاسترسال معها أو تصديقها وبكثرة الاستعاذة بالله منه ومن همزه ونفخه ونفثه.

كن على يقين أنك إن أقلعت عن العادة السرية وأكثرت من الاستغفار فإن قوتك الحسية والمعنوية ومنها الجنسية ستعود إلى طبيعتها وربما أقوى مما تتوقع، وأنا ضامن لك ذلك إن فعلت؛ لأنني موقن بوعد الله حيث قال هود عليه السلام: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ}، فوعد الله أن يزيد التائبين المستغفرين قوة إلى قوتهم.

امض على بركة الله متوكلا على الله ومستعينا به، ولا تخف من المستقبل، فطالب العفاف بالزواج يعينه الله كما قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

أنت صرت رجلا فلا تلتفت لكلام الناس وأثبت لهم أنك على قدر المسئولية.

كل ما عندك من المخاوف هي من وساوس الشيطان لأنه لا يريد أن تعف نفسك عن الحرام، وأن تقلع عن المعاصي فهو يأتيك بالمخاوف لتبقى على ما أنت عليه، فاحذر من خططه واعمل على إفشالها بالاستعانة والاستعاذة بالله منه وتحقير وساوسه وعد الإصغاء إليها أو التعاطي معها.

كن متفائلا وانظر للحياة بإيجابية، واحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.

لا تعط لعقلك أي رسالة سلبية؛ لأنه يتبرمج عليها، وإنما عزز نفسك بالرسائل الإيجابية التفاؤلية التي تعطيك الأمل وتفتح لك الآفاق.

وثق صلتك بالله تعالى واجتهد في تقوية إيمانك وكثر من الأعمال الصالحة توهب لك الحياة الطيبة كما وعد الله بذلك بقوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب زوال الهموم، وغفران الذنوب كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

أكثر من تلاوة القرآن الكريم وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك كما قال ربنا جل شأنه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً