الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أكره الاجتماعات وأشعر بالخجل عند لقاء الناس ومقابلتهم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت أتمتع بشخصية قوية واستثنائية، وذلك بشهادة الجميع، قد يغلب على شخصيتي حب الذات، وعدم الاكتراث للآخرين، فأنا لم أكن شخصية اجتماعية، والناس لا يشكلون بالنسبة لي أدنى أهمية، رغم أنني تعرضت في المرحلة الابتدائية للتنمر، وأذكر مواقف كثيرة من تلك الفترة، والأمر لم يؤثر علي، بل كنت شخصية قوية ومستقلة.

بدأت الانتكاسة الفعلية في الجامعة، بسبب الوحدة، فقد تزوجت أختي وسافرت، ومن هنا بدأت أشعر بالوحدة والانطواء، ومن المواقف حينما قدمت عرضي في الجامعة، قدمته وأنا مرتبكة جدا، ولم أقدمه بالشكل المطلوب، ولمت نفسي لأنني لم أحضر مسبقا للموضوع بشكل كافي.

استمرت حياتي بشكل طبيعي حتى أتى ذلك اليوم، كنت أتكلم مع أهلي ولاحظت عدم اهتمامهم لكلامي، وتلخبطت بكلمة، وأصبحت أضحك على نفسي، بعد ذلك الموقف واجهت اكتئابا شديدا، كان في آخر مرحلة في الجامعة، أصبحت لا أتحدث مع أحد، ودائمة السرحان، ولدي ضغوط شديدة، تخرجت -الحمد لله-، وبعد التخرج بدأت أشعر بالمخاوف من مواجهة الناس، وعند الاسترسال في الحديث أتلعثم وأنسى الحديث، ولدي خجل شديد حتى مع أهلي، وتعابير وجهي توضح ما بداخلي.

من المواقف التي أذكرها، إحدى الطالبات التي كانت دائما تضحك ولا تكلمني جيدا حينما أتحدث معها، شخصيتي بتلك الأيام كانت جدا جميلة، ورجحت بأن الفتاة تعاني من مشاكل نفسية، وأيضا واجهت في دراستي الجامعية طالبة شديدة الخجل، ويظهر على ملامحها القلق والارتباك، وقد تأثرت بهذه الحالات.

تزوجت وأنجبت طفلة، وحالتي في تدهور دائم، أشعر بأن ضربات قلبي شديدة، أكره الاجتماعات، وأشعر بالخجل عند لقاء الناس ومقابلتهم، حتى لو كنت أعرفهم، أرتبك حينما يوجه لي الكلام، علاقتي مع زوجي تتأرجح بين السعادة والاكتئاب وعدم الراحة، لا أستطيع التعبير عن مشاعري معه، وأتلعثم كثيرا، وتواصلي البصري معه قليل جدا.

أشعر بأن الاكتئاب الذي أعانيه بسبب المخاوف الاجتماعية، والخجل، والتلعثم الذي أصاب به، وقلة ثقتي بنفسي، ولأنني لا أتواصل بصريا مع الآخرين، كل تلك الأسباب أدت إلى نوبات الخوف، والتفكير الزائد، والقلق، وكره الحياة، وتسارع نبضات القلب، بالإضافة إلى أعراض جسدية مثل: الصداع، آلام البطن، والغازات بشكل شديد.

أتمنى أن لا أعير الاهتمام للناس، وأن تكون شخصيتي طبيعية، ولا أقلق وأخجل، وأن أحب الحياة والناس والاجتماعات، معاناتي بدأت منذ ستة أعوام.

أفيدوني وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Om None حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قوة الشخصية وحب الذات كما ذكرت لا يمنعان من حصول مرض نفسي أو توتر بعد ذلك، والواضح أنك كنتِ تجدين الدعم من أختك، الدعم النفسي على الأقل، ولذلك شعرتِ بالوحدة عندما خرجت من المنزل، أو عندما غادرت المنزل إلى منزلٍ آخر، وفعلاً معظم ما تعانين منه هي أعراض رهاب اجتماعي وقلق وتوتر، وطبعًا أحيانًا بعد الولادة يحصل القلق والتوتر والاكتئاب، ولكن أكثر الاضطرابات بعد الولادة هي اضطرابات القلق، خاصة إذا كانت هناك قابلية من الشخص، وقد يكون هذا ما حدث معك، عندك قابلية للاضطراب النفسي.

فإذًا ليس الرهاب الاجتماعي هو السبب الوحيد في الاكتئاب، ولكن الولادة أيضًا، لأنك كما ذكرت عشرة بالمائة تقريبًا من النساء بعد الولادة يُصبن بالاكتئاب، ويحتاج الاكتئاب إلى تدخل طبي، وهذا التدخل الطبي قد يكون نفسيًا، كما في حالتك، لمعالجة الاكتئاب والرهاب الاجتماعي معًا، تحتاجين إلى جلسات سلوكية معرفية، من خلال معالج نفسي متمرِّس، سوف يساعدك في التغلب على هذا الرهاب، من خلال اكتسابك مهارات محددة وتطبيقات تطبقينها في الحياة بالتدرج من غير اندفاع، مع الاسترخاء في نفس الوقت. أيضًا الاكتئاب قد يُساعَد بالعلاج السلوكي المعرفي.

وإذا كنت تفضلين الأدوية فهناك أدوية كثيرة يمكنها أن تساعدك في الاكتئاب والرهاب الاجتماعي، وفي نفس الوقت لا تؤثِّر في الرضاعة إذا كنت تُرضعين طفلك، وعلى رأس هذه الأدوية دواء الـ (سيرترالين)، فأرى أن تتواصلي مع طبيب نفسي لاختيار الطريقة المثلى لعلاجك، ثم المتابعة والمواصلة معه بانتظام.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً