الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبغض أهلي، ولا أستطيع أن أصفي قلبي لهم.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي ضغوط كثيرة في حياتي، وأولها عائلتي؛ كل فرد لا يريد سوى راحته، حتى أبي وأمي، أبي يريدني أن أعمل لأساعده، وأمي لا تريدني حتى أن أساعدها في البيت، أبي قاس جاف وأمي سلبية، أبي يضربني على أتفه الأسباب، ولا أذكر أنه ضمني يوما، أنا أؤدي العبادات، وأدرس في جامعة عملية، ثم أذهب للعمل بعد الجامعة، وأنفق على متطلباتي.

ملتزمة وأرتدي الزي الشرعي، مع كل ذلك لا أحد يحبني منهم، أنا اندفاعية وحساسة بشكل مفرط، ومزاجية ولا أتحدث كثيرا فيظنونني خبيثة، ولا أحد يهتم ليفهمني، في الحقيقة لا يهمني ذلك، لكن سؤالي أنا أبغض أهلي، ولا أستطيع أن أصفي قلبي لهم، هل سأحاسب على ذلك؟ أشعر أنني وحيدة ولا أحد يربت على كتفي، لا أشكو لأحد، ولكنني أصبت بضغط الدم المرتفع، وتضخم القولون، كما أن لدي مشاكل في القلب رغم أنني لم أتجاوز الثانية والعشرين من عمري.

ماذا أفعل في حياتي؟ وكيف أعامل أهلي فلا أريد أن أضيع آخرتي كما خسرت حياتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وجدان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اعلمي أن الحياة الدنيا لا تخلو من المشاكل، ولا يسلم من الابتلاء فيها أحد قال سبحانه: {لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ}، أي خلقناه في تعب ومشقة؛ لما يعانيه من الشدائد في الدنيا.

كما أن الحياة دار ابتلاء واختبار بالخير والشر، كما قال سبحانه: {كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ}،[الأنبياء: ٣٥] فهذه طبيعة الدنيا مع كل الناس ابتلاء وفتنة بخيرها وشرها، ولكن العاقل من يتعامل معها بإيجابية وصبر وتحمل وتغاضي وتغافر حتى لا تسبب له تلك الابتلاءات آثارا سلبية في حياته.

وما تعانيه من مشكلات لا تخرج عن طبيعة هذه الحياة
لذا ننصحك للتخلص من الضعوط التي تواجهك بالآتي:
1. التعامل بإيجابية مع الحياة والنظر إلى كل العقبات فيها على أنها جزء لا بد منه لكي تحلو الحياة.

2. عدم التفكير في الماضي السلبي الذي عشتيه مع أهلك وأسرتك واستجلابه في ذهنك وخاطرك، بل اعتبريه فترة زمنية انتهت بما فيها.

3. حاولي تهذيب صفاتك السلبية التي تتصفين بها من خلال تربية النفس على عكسها، والقراءة حول علاجها، وعدم الاستسلام لها، فبعض الصفات الاستمرار عليها سبب لكثير من المشكلات.

4. حاولي ممارسة عكس ما تتصفين به من صفات مع الأسرة والأقارب ولو بالتدريج حتى تتغير النظرة السلبية منهم نحوك، وحتى تتمكنيين من تهذيب الصفات السلبية لديك.

5. مفتاح فهم الناس لك موجود لديك فامنحيهم إياه، وكوني اجتماعية وهادئة ومرنة في التعامل وصبورة...الخ، وستجدين أثر ذلك في تعامل الناس معك قريبا بإذن الله.

6. أنت الآن في مستوى علمي متقدم ومستوى عمري مناسب شجعي نفسك على الانطلاق نحو تحقيق أهدافك السامية، وشجعي الآخرين، ولا تنتظري التشجيع من أحد حتى لا تظل نفسك تشعر بالنقص وتلوم الآخرين.

7. قلت إنك محافظة على العبادات ومتدينة وهذا شيء طيب لديك؛ لكنك تحتاجين إلى مزيد من تقوية الإيمان والاستقامة عليه وإصلاح فساد القلب وتنظيفه من الحقد والكره للآخرين، وخاصة إذا كانوا ممن لهم فضل وحق عليك كالوالدين الذين أمر الله بطاعتهما والبر بهما، وعدم العقوق لهما وخفض الجناح لهما والدعاء لهما، فهذا كله من الدين، ومما أمر الله به.

8. ما أصابك من أعراض مرضية ربما يعود بعضها إلى الجانب النفسي، وكثرة الخواطر والوساوس السلبية لديك حول ما تعاني منه من معاملة؛ لذا فجزء كبير من علاجها هو التخلص من أسبابها، مع استخدام ما يصفه لك الأطباء المختصين من علاج.

9. الدعاء وسيلة فعالة في حل كثير من المشكلات، وننصحك بالتضرع إلى الله والقرب منه ودعائه، وخاصة في أوقات الاستجابة كالثلث الأخير من الليل، وفي السجود ونحوه.

10. ابذلي الخير والمعروف إلى أهلك وتعاملي معهم بأسلوب حسن ولا تعامليهم وفق ما يتعاملون معك، وصفي قلبك لهم وستجدين أثر ذلك إيجابيا على صحتك النفسية، وتغيرا في تعاملهم معك قريبا -بإذن الله-، فمن ترك شيئا من حقوقه لله عوضه الله خيرا منها.

أسأل الله العظيم أن يصلح حالك، ويوفقك لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً