الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتصرف مع أخوتي الذين يتحكمون في حياتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 24 سنة، توفي والديّ قبل تخرجي من الجامعة بسنة، فبدأت مشكلتي منذ سنتين مع أخوتي الشباب، حيث أنهم يرفضون خروجي من البيت، أو التسوق، حيث لا أستطيع شراء ما أرغبه، وهم لا يشترون لي ما أريد، وخاصة الأشياء الخاصة التي لا أستطيع أن أطلبها منهم.

أحتاج لزيارة طبيب الأسنان منذ سنة، لكنهم يرفضون ذهابي له وبلا سبب، علما أن كل واحد منهم يريد أن يكون الوصي علي، ومنهم من يرفض خروجي حتى معه إلا بعد استئذان أخي الأكبر، وأمثلة كثيرة من هذا النوع.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عهود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- لا شك أن ظاهرة تسلّط الإخوة على الأخوات بصورة مفرطة ومجاوزة لحدود الشرع والعقل والمصلحة, حيث يصل الأمر إلى حد انتهاك الحقوق والحرية والكرامة وإلحاق الأذى الاجتماعي والأخلاقي والنفسي, وربما البدني أيضاً بالأخوات خاصة, من الآفات وموروثات العادات والتي لم تتغير على مر العصور رغم التطور الحاصل.

- وحيث يتجاوز بعض الإخوة التسلّط على حدود تسلّط آبائهم أيضاً, بدافع وصية الآباء أو تقليدهم أو لإظهار صفة الرجولة وإبراز الشخصية والسطوة وإرضاء الغرور والغطرسة وأنه صاحب قرار.

- وكثيراً ما تصدر هذه التصرفات عن شخصيات مهزوزة ضعيفة تنفّس عن ضعفها بالتسلط على الطرف الأضعف.

- ولا يخفى أن الشرع راعى في أحكامه مراعاة الرفق, لا سيما بالمرأة كما في قوله تعالى للأزواج: (وعاشروهن بالمعروف) (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وقوله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيرا) وحديث: (رفقاً بالقوارير).

- وربما كان أيضاً بدافع الخوف الحقيقي المفرط على سمعة الأخوات إلا أن من مقتضى حسن الخلق بصفة عامة حسن التعامل مع الآخرين بموجب حسن الظن والثقة بهم وترك الإفراط في الغيرة عليهم والشك بهم والتجسس عليهم (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا...), وهو يشمل عموم الناس من الذكور والإناث, فالأقارب من باب أولى لعظم حقهم في صلة الرحم, والبنات والأخوات بصفة أخص لما لا يخفى من غلبة الرقّة والعاطفة فيهن وحاجتهن للرحمة والحب والحنان.

- نعم فإن الغيرة على العِرض خلق محمود, لا سيما في مثل واقعنا المعاصر حيث انتشار مظاهر الفسوق والفساد والانحرافات الأخلاقية وضعف الوازع الديني والأخلاقي, وما تستلزمه هذه الغيرة من وجوب حرص الوالدين والإخوة لواجب التذكير والنصيحة والمتابعة والمراقبة, الأمر الذي ينبغي أن تتفهميه جيداً وتحسني به الظن أيضاً بل وإبداء الشكر والإعجاب عليه, شريطة ألا تصل الغيرة إلى حد المساس بحقوق وحرية الأخوات الشرعية ودينها وعرضها أو التجريح بسمعتها والخدش لكرامتها والحرص على الإقناع بالأسلوب الهادئ مع إبداء مشاعر الحب والاهتمام والاحترام والعقل والمنطق والحكمة.

- وينبغي أن يُعلم أن مبالغة الإخوة في التسلّط قد يدفع ببعض الأخوات كما هو الواقع أحياناً إلى التنفيس خارج المنزل والتعامل بردود أفعال ضدية معاندة كتعبير عن مقاومة الباطل, لكن بباطل مثله أو أعظم والعياذ بالله أو إصابة الأخوات اللاتي يشعرن بالاضطهاد ببعض الأمراض النفسية نتيجة الشعور بالقلق المستمر والضغط النفسي والخوف والانهزامية.

- الحل الأمثل لهذه المشكلة بالدخول مع الأخ المتسلط في حوار هادئ وعقلاني حيث تبدين مشاعر الإعجاب بأخيك والشكر والتقدير لغيرته, مع مصارحته بالأضرار النفسية والإخلالات الحقوقية المترتبة على الإفراط في هذا التسلّط والاستبداد, ويستحسن أن تستعيني ببعض الأقارب ممن لهم صفات الحكمة والإقناع والتأثير بالجهة المتسلطة.

- كما يستحسن إيصال المشكلة إلى الأعمام ثم الأخوال عن هذه الآفة وهذا الحال.

- وفي بعض الأحيان فقد يكون من المجدي المواجهة والاعتراض بحزم وأدب مع هذا التسلّط الذي قد يفضي إلى مضاعفة الأذى الجسدي أو النفسي بالأخوات.

- ومن المهم – أختي العزيزة وهو الظن بك حفظكِ الله ووفقك – تحليك بالأخلاق الحسنة , وبعدك عن الشبهات وضرورة الوضوح في اعتدال أفكارك وتصرفاتك كضرورة انتقاء صديقاتك وملابسك ؛ طاعةً لربكِ أولاً كما هو معلوم, ودفع الأوهام والشبهات وسوء الفهم والظن الذي قد يطالك من إخوتك ولو بدافع الغيرة وعن غير قصد الإساءة.

هذا وأسأل الله أن يفرج همك وييسر أمرك ويرزقك الصبر وسعة الصدر والحلم والحكمة والتوفيق والسداد، وأن يلهمك الله تعالى الخير والصواب وسعادة الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً