الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب الرجفة في اليدين التي تصيبني أمام الناس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 33 سنة، وأعاني من ظاهرة غريبة، وهي رجفة اليدين عند شرب الشاي والقهوة وبعض المشروبات، ويكون ذلك أمام الناس، أو عندما أكون في زيارة عند أحد الأشخاص، ولا يحدث بالبيت، حينما أكون لوحدي، ويسبق رجفة اليدين مشاعر من الخوف والإحراج من عواقب الحالة، فقد سببت لي الكثير من الإحراج، وصرت أتجنب المشروبات.

بدأت الظاهرة في أول مرة منذ سبع سنوات، عندما تقدمت للخطبة، ولم تكن بهذه الدرجة من السوء، وعندما تكررت عدة مرات أصبحت تشغل تفكيري، وامتدت المشكلة للعمل، زرت أحد الأطباء ونصحني بعقار الأنديرال، وبالفعل بدأت أخذ العقار عند الحاجة، ولاحظت تحسن الحالة واستمر ذلك لفترة، ولكن فيما بعد اقتصر تأثيره على النواحي الحركية، وكان هذا التأثير يتلاشى، ومن الناحية النفسية فأنا أخاف من الوقوع بالإحراج بشكل مستمر، وأنا منفتح اجتماعياً بشكل كبير، وأمارس عملي، وأصلي فرائضي الدينية، ولدي علاقات اجتماعية واسعة.

أرجو تقديم النصيحة والحل، ودمتم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

إن شاء الله تعالى حالتك بسيطة، وأنت -الحمد لله تعالى- منفتح اجتماعيًا، ولديك نسيج اجتماعي ممتاز، وتؤدي الفرائض الدينية، وذو علاقات اجتماعية واسعة، هذا أمرٌ جيد، وجيد جدًّا، وأريدك أن تستمر على نفس المنوال.

حالتك بالرغم من كفاءتك الاجتماعية العالية إلَّا أنها تدلُّ أنه لديك درجة من الخوف الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي المقنّع، بمعنى: أنت من الناحية التطبيقية لا تواجه أي مشكلة فيما يتعلق بالتفاعل الاجتماعي، لكن تظلّ لديك الرهبة مكتومة في داخل ذاتك، مما يجعلها تظهر في شكل خوف من وقوع الإحراج، وهذا نُسميه بالقلق أو الخوف التوقعي، وهذا قطعًا قد يؤدي إلى ظهور الرجفة أو الرعشة في المواقف الاجتماعية.

هذا هو التفسير وهذه لا تُعتبر مرضًا نفسيًا أو رهابًا اجتماعيًا حقيقيًا، الحالة حالة بسيطة، يمكنك أن تتجاوزها بسرعة، ومن الواضح أنه ربما يكون لديك حساسية فيما يتعلق بتناول الكافيين، كثير من الناس حتى وإن تناولوا كمية بسيطة من الشاي أو القهوة، أو حتى الشكولاتة، تحدث لديهم ارتعاشات، وربما تسارع في ضربات القلب، وهذا ناتج من حساسية الكافيين.

فيا أخي الكريم: يجب أن تُقلل من هذه المشروبات، يجب أن تُمارس تمارين استرخائية منتظمة، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015)، أرجو أن تسترشد بهذه الاستشارة وتطبِّق ما ورد بها، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

وعليك أن تلجأ لتحقير فكرة الخوف، ولا تدع مجالاً للخوف التوقعي أبدًا، دائمًا حين تأتيك الفكرة أنك سوف يحدث لك ارتعاش وشيء من هذا القبيل في موقفٍ اجتماعي قل: (هذا ليس من الضروري أن يحدث أبدًا، لماذا أشغل نفسي بهذا الأمر).

وأريد أن ألفت نظرك -أخي الكريم- لأمر مهم جدًّا، وهو: أن ما تشعر به من ارتعاش ورجفة، أنا لا أنكر وجوده، لكن قطعًا أنت تتحسَّسه وتتلمَّسه بصورة مبالغ فيها ومضخم، هذا أمرٌ ثابت، وهذا يجب أن يُسعدك كثيرًا؛ لأن حين يكون هنالك فجوة ما بين الحقيقة والواقع الإنسان يجب أن يُسَرُّ لذلك.

إنه من الجيد قطعًا أنت تتناول أدوية، والأدوية سليمة وبسيطة، عقار إندرال ممتاز، لكن يجب أن تتناوله بصورة منتظمة، وبجرعة صغيرة، عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، وليس هنالك ما يمنع أن تتناوله عند اللزوم.

والدواء الآخر هو أحد الأدوية المضادة للمخاوف، والمسمى (زولفت)، أو (لسترال)، هذا هو مسماه التجاري، وعلميًا يُسمى (سيرترالين)، الجرعة المطلوبة في حالتك جرعة بسيطة جدًّا، وهي أن تبدأ بنصف حبة خمسة وعشرين مليجرامًا، تتناولها يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها حبة واحدة، أي خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذه جرعة بسيطة جدًّا، علمًا بأن الجرعة اليومية الكلية المسموح بها هي أربع حبات في اليوم، أي مائتي مليجرام، لكنَّك لست في حاجة لهذه الجرعة.

الدواء سليم وغير إدماني، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به. بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تركيا محمد عواد

    بارك الله بك دكتور وجزاك كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً