الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من ركوب الطائرة، وأتوتر بشدة قبل السفر، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ خمس سنوات، وبعد زواجي مررت بالعديد من الصدمات، بدايةً بالعقم، وخيانة زوجي، ثم وفاة عمي، ورؤيتي لجنازته، حيث أنني منذ صغري أخاف من الموت ورؤية الجنائز.

قبل 6 اشهر أصبت بضيق في التنفس، وتسارع في ضربات القلب، وارتفاعا للضغط فكان 150/110 فأخذت خافض الضغط وعاد طبيعياً، ولكن الأعراض ما زالت مستمرة، بعدها أصبت بالأعراض ذاتها، مع ألم في رأس المعدة، وغازات، وعند ذهابي للمستشفى تم تشخيصي على أنه تهيج قولون والتهاب معدة.

أخذت العلاج، ولكن المشكلة لا زالت موجودة، بل زادت الأعراض، وأصبحت أعاني من الخوف والأرق، والفزع من النوم، فكنت أنام قليلاً ثم أستيقظ خائفة، مع خفقان شديد في القلب، لدرجة أنني أسمع صوت النبض، وكذلك أصبحت أعاني من التوتر والقلق والخوف من جهاز الضغط، حتى بعد أن أجمع كل الأطباء أنني لا أعاني من الضغط، بل من التوتر، ولكن الخوف لا زال مستمراً.

قبل 3 أشهر زرت طبيب الباطنية، وبعد إجراء تحليل النفخ قال إنني أعاني من جرثومة معدة، وتهيج القولون العصبي، فصرف لي علاجا ثلاثيا أخذته كاملاً، ولكن الأعراض لم تذهب بالكامل، بل زاد عليها ألم شديد في الرأس، وشد في مؤخرة الرأس، وتشنج في عضلات الرقبة والظهر.

زرت طبيباً آخر، قال لي إنني أعاني من التوتر، صرف لي علاج دوجماتيل 50 لمدة شهر، وبعد استخدامه تحسنت قليلاً -ولله الحمد-، وعندما أنهيت الشهر رجعت لي أعراض الخوف والقلق والضيق والتفكير في أشياء كثيرة حصلت، ولم تحصل، وكنت أعاني من الأرق وتشنج العضلات، والخوف من ركوب السيارة والطائرة، والتوتر الشديد قبل السفر، والتفكير أن شيئاً سيئا سيحدث، فهل ما أعاني منه مرض نفسي؟

أجريت تخطيطا للقلب أكثر من مرة، وكانت النتائج سليمة، وأجريت تحاليل للكبد والمرارة والكلى، والطحال وأنزيمات الكبد والقلب، وكلها سليمة -ولله الحمد-، فما تشخيصكم لحالتي؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوف حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، رسالتك واضحة ووافية جدًّا، وهي ليست طويلة، ومن خلال شرحك الرصين أستطيع أن أقول لك أن هذه الحالة التي تعانين منها حالة نفسية، وهي ليست مرض نفسي حقيقي، إنما هي ظاهرة نفسية، والظاهرة دائمًا أقلَّ من المرض.

الذي حدث لك من تغيُّرٍ مفاجىء -بكل أعراضه النفسية والجسدية التي وصفتها- هذا يُسمَّى بنوبة هرع أو فزع أو هلع، وهو نوع من القلق النفسي الحادّ جدًّا والمصحوب بمخاوف شديدة، حتى بعض الناس يأتيهم شعور أن المنيَّة قد دنت وقربت، وأن الموت آتٍ.

نوبات الفزع هذه والهرع دائمًا تنتهي بنوع من الوساوس والقلق، أو ما نسميه بالقلق التوقعي، يعني الإنسان يكون متحفِّزًا ومتخوفًا في جميع الأوقات أو في جُلِّها.

الأعراض الجسدية المصاحبة هي جزء أساسي للأعراض النفسية، وكثير من الذين يُعانون من هذه الظواهر يذهبون لأطباء القلب وأطباء الباطنية، ويُقال لهم أنك تُعاني من القولون العصبي وشيء من هذا القبيل، القولون العصبي هو قولون توتري، يعني أيضًا الجانب النفسي يلعب دورًا في ذلك.

إذًا تشخيص حالتك -أيتها الفاضلة الكريمة- هو أنك تعانين من قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة، وقد بدأ الأمر معك بنوبة فزع وهرع، وأنت في الأصل لديك شيء من الاستعداد لهذه النوبات، وتعرُّضك لبعض الأحداث الحياتية التي سردتِّها في بداية رسالتك ربما يكون هو المثير الأساسي الذي جعل نوبة الهلع والفرع الأولى تظهر عليك.

الخوف من ركوب الطائرة والسيارة وما شابه ذلك هو جزء من قلق المخاوف الوسواسي، ولا أعتبره مشكلة كبيرة، وسوف يُعالج إن شاء الله تعالى.

العلاج يتمثَّلُ في الآتي:

أولاً: يا حبذا لو ذهبت إلى طبيب نفسي، هذا أحبِّذه تمامًا، أنتِ لستِ مريضة، لكنّك تحتاجين لشيء من العلاج السلوكي، والمتابعة، وبعض الأدوية البسيطة جدًّا.

إذا لم تتمكني من الذهاب إلى طبيب فأنا أقول لك: تجاهلي هذه الأعراض تمامًا، أرجو ألا تُكرري الذهاب للأطباء، يمكن أن يكون لديك طبيبًا واحدًا تُراجعينه كل ثلاثة أو أربعة أشهر، من أجل الاطمئنان والقيام بالفحوصات الروتينية، وطبيب الأسرة في المركز الصحي يمكن أن يكون مناسبًا جدًّا.

ثانيًا: أشغلي نفسك بما هو مفيد في أمورك الزوجية، وأمورك الحياتية، وحُسن إدارة الوقت يؤدي إلى حسن إدارة الحياة، هذا أمر مفرغٌ منه.

الأمر الثالث: حاولي أن تمارسي تمارين رياضية تناسب المرأة المسلمة، كما أن تمارين الاسترخاء جيدة جدًّا، وتُوجد عدة برامج على الإنترنت تُوضِّح كيفية القيام بهذه التمارين، كما أن إسلام ويب أعدَّتْ استشارة تحت رقم (2136015) أرجو الرجوع إليها والاستفادة بما فيها وتطبيق ما بها.

رابعًا: أنت في حاجة لدواء بسيط يُسمى (سبرالكس)، واسمه العلمي (استالوبرام)، إن ذهبت إلى الطبيب فسيقوم بوصفه لك، وإن لم تذهبي يمكنك الحصول عليه، وهو لا يؤدي إلى الإدمان، ولا يتعارض أبدًا مع الهرمونات النسائية، لكن لا ننصح باستعماله في الحمل.

الجرعة هي أن تبدئي بخمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تتناولينها لمدة عشرة أيام، ثم ترفعي الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تُرفع إلى عشرين مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم تخفض إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، هو دواء مفيد وممتاز وسليم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً