الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فارق السن والمستوى المادي بين الزوجين

السؤال

أختي في الله .... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولاً أريد أن أبشرك أنني على أحسن حال من قبل وذلك بفضل الله ثم بفضلك وفضل إرشاداتك لي في الرسالة الماضية. جعل الله ذلك في ميزان حسناتك.
أختي! لقد تقدم للزواج بي شاب من دول الخليج بعد أن تعرفت عليه من خلال زياراتي لأهل أمي بإحدى دول الخليج وطلبت من أهلي مهلة لكي أتعرف عليه أكثر خصوصاً أني قد خضت مشكلة الطلاق لمرتين وفشلت في الإنجاب.

المشكلة تكمن في شيئين: أولاً أنه يصغرني بخمسة عشر عاما.
ثانياً: مستواي العلمي والمادي أعلى منه.
ولكن كلما أفكر في الموضوع أتذكر سيد الخلق (صلى الله عليه وسلم وزواجه بالسيدة خديجة أم المؤمنين. علماً بأنني أصلي وأستخير ربي في هذا الموضوع ولكن لم يتبين لي أي شيء.

محتارة ولا أخفي عليك مدى تعلقي وحبي له كما أنني مستعدة أن أترك بلدي وأذهب للعيش معه ولكنني خائفة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / صوفيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بدايةً نرحب بك للمرة الثانية في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك من فريق الاستشارات، ويسعدنا دائماً تواصلك معنا، ونحن على استعداد للإجابة على أسئلتك في أي وقت وفي أي موضوع، فرجائي داوم الاتصال بنا دون تردد .

وأما بخصوص الأخ الذي تقدم إليك سأوجهك في اتخاذ القرار المناسب، وإليك ما يلي:

مما لا شك فيه أن الزواج سنة من سنن الأنبياء، وأن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم قد حثنا عليه، وأنه نعمة من نعم الله العظمى، ولذلك امتن علينا بها سبحانه وتعالى، حيث قال سبحانه: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً))[الروم:21] إلا أن الشارع وضع لنا ضوابط عامة، وأخرى خاصة ضماناً لاستقرار الأسر، واستمرار رسالتها، ومن ذلك ضرورة توفر الخلق والدين في كلا الطرفين؛ لأن بهما تستطيع الحياة، وتسعد الأسر والأبناء.

ومما حث عليه الإسلام كذلك التكافؤ الاجتماعي، والسن المناسب، حيث أن فارق السن الكبير قد يسبب لك أنت مشكلة مستقبلاً، فقد تكونين على أبواب اليأس وزوجك ما زال في شرخ الشباب يطمع في امرأةٍ في مثل سنه، وينظر إليك على أنك كالأم بالنسبة له، ويتمنى لو كانت له زوجة في مثل سنه، وقد ينظر ذات اليمين وذات الشمال لغيرك لما يراه من ذبول هيئتك ونضرتك، وأما عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان فعلاً في أمس الحاجة إلى امرأة في مثل سن أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها؛ لما ينتظره من مهام عظام، وأحداث جسام يحتاج فيها إلى من يأخذ بيده، ويقف معه، ويساعده ويؤازره، ولهذا كان اختياراً موقفاً، أما هذا الشاب المتقدم إليك ماذا ينتظر منك، وماذا تنتظرين أنت منه؟

إن عجلة الزمان تسير بسرعة مذهلة، وقد تفاجئين بأنك غير مرغوب فيك لتقدم سنك عن سنه، لذا أقترح صرف النظر عن هذا الموضوع، خاصةً وأن الاستخارة لم تظهر لك شيئاً يدل على القبول أو غيره، ولا تنسي أختاه أنك صاحبة تجربة سابقة تقتضي منك أن تفكري ألف مرة ومرة في هذه المرة، فلا تنساقي وراء عواطف قد يكون الدافع إليها الفراغ الذي تعيشينه، أو رد الفعل لما مر بك من تجارب غير موفقة.

وعليك بسؤال الله الخير حيثما كان، والدعاء والإلحاح على الله أن يرزقك زوجاً مناسباً لك في ظروفك وسنك، حتى تكبرا معاً، وتسعدا معاً، ولم ولن يستطيع مستواك المادي أو العلمي تعويض الفارق بينكما، بل قد يكون هو في حد ذاته عقبه إذ إنك بهذا المستوى ستجدين نفسك مضطرة لأن تقبلي تحكمات وأوامر شاب هو في سن أبنائك، ولا يقيم لهذه المقومات وزناً أو قيمة؛ لأنه يريد زوجة مطيعة منقادة، ولعل ظروفك لا تسمح بمثل ذلك، لذا رجائي ومن أعماق قلبي أن تعيدي التفكير في هذا الموضوع، واعلمي أنني وعلم الله رغم علمي بشعورك في غاية الألم من هذا الكلام إلا أنها الحقيقة المرة التي ينبغي أن تقبليها بسعة صدر، وتسليم لأقدار الله؛ لأن فوارق السن والمستوى المادي والأدبي لها أهميتها في هذا الزمان العجيب.

فلا تتعجلي لئلا تندمي، مع تمنياتي لك بالتوفيق والسعادة في ظل زوج مناسب، يراعيك ويحنو عليك، ويفيدك بروحه وحياته، ويقدرك حق قدرك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً