الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب انطواء نفسيتي وانعزالها أصبحت أشعر بالحرج، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب في عمر ال24 سنة، ومشكلتي هي أني:
- أشعر بحرج وحزن شديد عندما يسيء أحد لي ولا أستطيع رد الإساءة.
- لدي انطواء وحب للعزلة، وأتجنب التحدث مع الآخرين.
- أفضل البقاء بالبيت لأوقات طويلة.
- الشعور بالكسل والخمول طوال اليوم.
- السرحان وضعف التركيز.
- الشعور بالحزن والضيق.
- تقلبات مزاجية.
- ولدي خوف من الكلام في حضور الناس.

هذه الأعراض تسبب لي إشكالا كبيرا بالتعامل مع الناس وفي دراستي، قرأت في موقعكم عن علاج البروزاك، ووجدته مناسبا من حيث الأعراض وسلامة الدواء، ولكن لا أريد أن أستمر عليه لمدة طويلة، فما هي الجرعة والمدة المناسبة لأخذ هذا الدواء؟ وهل صحيح أنه يسبب مشاكل بالنوم؟ وما الحل في هذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حامد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت مُدركٌ إدراكًا تامًّا للصعوبات التي تواجهها من ناحية السلوك العام، ومن ناحية المهارات الشخصية، وهذه المخاوف الاجتماعية التي تعاني منها، وكذلك الانعزال والسرحان، والشعور بعسر المزاج.

أخي: أنت مدركٌ تمامًا لهذه المشكلات، والإنسان حين يكون مُدركًا لما عليه يستطيع أن يُصحح مساره.

فأخي الكريم: قبل أن نتحدث عن الدواء أريدك أن تُعالج نفسك علاجًا تأهيليًا، سلوكيًا: فالخمول والكسل يُحارب من خلال العزم، وصدق النية، وتحجيم النفس وإلزامها، وهنا يجب أن تضع برنامجا يوميا تكتبه على ورقة وتُطبِّق هذه البرنامج: ما هي الأشياء التي يجب أن تقوم بها، والبرامج يجب أن تحتوي على الأنشطة الحياتية المختلفة، من واجباتٍ، من تواصل اجتماعي، من الترفيه على النفس، ممارسة الرياضة، دراسة، عمل... لابد لهذا البرنامج أن يكون برنامجًا مُشكَّلاً ومتوازنًا ومُلزمًا.

تطبيق هذه البرامج وجد أنه أفيد طريقة لعلاج الخمول والتكاسل وافتقاد الدافعية والفعالية، ودون ذلك – أيها الفاضل الكريم – لن يتغيَّر الحال، فالدواء لا يُغيِّر الناس، وأنتَ شاب، وقد حباك الله تعالى بإيجابيات وطاقات كثيرة، فيجب أن تُخرجها، يجب أن تُغيِّر ما بك.

والنقطة الأخرى: يجب أن تكون لك آمال وطموحات في الحياة، وتُحدِّد أهدافك، الحياة بدون أهداف هي حياة بلا معنى، فما هي أهدافك؟ لابد أن تضع هذه الأهداف، وتضع الطرق التي توصلك إلى مبتغاك.

من المهم جدًّا – أخي الكريم – أن تُحسِّن تواصلك الاجتماعي، حتى وإن كنت تحس بصعوبة في التعامل مع الناس. رافق الصالحين من الشباب، احضر صلاة الجماعة دائمًا وكن في الصف الأول، انخرط في نشاط رياضي جماعي، انخرط في عمل اجتماعي أو تطوعي أو دعوي.

من خلال هذه الآليات تُعالج نفسك تمامًا، وتحس بالمردود الإيجابي. اجعل لنفسك وجودا داخل أسرتك، لا تكن شخصًا هامشيًا أو طرفيًا أو مهمَّشًا. افرض إرادتك الإيجابية على أسرتك، واجعلهم ينتفعون بإيجابياتك، وأنت كذلك تنتفع بهم، كن مثابرًا، عليك بالقراءة والاطلاع، والنوم الليلي المبكر مهمٌّ جدًّا، وممارسة الرياضة أيضًا مهمَّة جدًّا –كما ذكرتُ سلفًا-.

بالنسبة للعلاج الدوائي: البروزاك نعم دواء جيد، دواء فاعل، دواء ممتاز، ودواء سليم جدًّا. الجرعة المطلوبة في حالتك: أن تبدأ بكبسولة واحدة صباحًا، تتناولها بعد الأكل، وبعد شهرٍ اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوميًا لمدة شهرين، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: يجب ألَّا تحسب هذه مدة طويلة، هذه مدة قصيرة جدًّا، ومراحل العلاج وتطوراته وخطواته العلمية يجب أن تتبع، بمعنى: أن تكون هنالك جرعة تمهيدية، ثم جرعة علاجية، ثم جرعة وقاية، ثم جرعة التوقف. وبهذه الكيفية تستفيد من الدورة العلاجية للدواء.

البروزاك قد يزيد من مستوى اليقظة في بعض الأحيان، هذا قليلاً ما يحدث، ولذا ننصح بتناوله في فترة الصباح، حتى لا يحدث هذا الأثر الجانبي، وإن حدث فهو يحدث في الأيام الأولى فقط.

الدواء سليم وجيد، أرجو أن تتناوله بالكيفية التي ذكرتها لك، وأرجو أن تطبق ما ذكرتُه لك من إرشاد، وأسألُ الله تعالى أن ينفعك به.

وللفائدة راجع العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637)، وعلاج الانطوائية والعزلة سلوكيا: (265122 - 272718).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المملكة المتحدة نهال

    من روائع ماكان يقوله ابن القيم

    رحمه الله لو يعلم الساجد بين يدي الله ماله من عظيم الرحمه

    والبركه

    مارفع رأسه من سجوده ..!!

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً