الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم المبادرة في الزواج بسبب الرهاب الاجتماعي

السؤال

سعادة الدكتور، حفظه الله ورعاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أظن أنني مصاب بالرهاب الاجتماعي منذ مدة طويلة، ومع الأسف عمري الآن 43 سنة، كنت أظن أن هذه الأعراض يمكن أن تذهب مع الزمن لكنها تزيد أكثر فأكثر، وحالتي الآن يرثى لها! لم أتزوج بسبب هذا المرض، عندي الرغبة في العلاج ولو كلفني كل ما أملك رغم سني المتقدم، ولي استفسارات أرجو التكرم بالإجابة عليها ما أمكنكم ذلك:

1- هل هناك علاج فعال ينفع في مثل سني؟ وكم هي مدته؟
2- طريق العلاج، هل هي دوائية أو نفسية أو كلتيهما معاً؟
3- أنا أعيش في الخبر- الدمام بالسعودية - هل تنصحونني بطبيب في هذه المدينة أو في أي مدينة أو دولة؟

الأعراض التي أشكو منها:

1- إذا كنت مع مجموعة وطلب من الحديث أشعر بتوتر وخوف شديدين وارتباك وألم في العينين واضطراب في المعدة ودوار وأحس أنني سأسقط أو يغمى علي، وكذلك جفاف في الحلق وزيادة في ضربات القلب ورجفان في الأطراف.

2- لذا أتهرب من كل المناسبات ولا أحضر الصلاة مثلاً إلا بعد الإقامة حتى لا يقدمني الناس للإمامة، وعندما أقارن نفسي بغيري من الناس أجد أنني أنا الوحيد فقط من بينهم بهذا المرض، فكل الناس لا يشكون مما أشكو منه، وكلهم كونوا عوائل مستقرة وينعمون باستقرار نفسي.

بالمناسبة: يريد أهلي أن أتزوج حتى أن والدي بكى يريد أن يراني عريساً فزاد همي وغمي بذلك، وبالمناسبة: توجد فتاة مناسبة وأهلها موافقون وأراها أنها فرصة ربما الأخيرة، ومرضي هذا هو الذي يمنعني للتقدم لها، هل يوجد علاج وقتي سريع لتجاوز بعض المواقف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً على سؤالك، وعلى ثقتك في الشبكة الإسلامية، وفي شخصي الضعيف.

أعراضك يا أخي هي طبق الأصل لما يتصف به مرض الرهاب أو الخوف الاجتماعي، والذي نتج عنه أعراض اكتئابية ثانوية واهتزاز الثقة في الذات.

واعلم أيها الأخ الكريم أن الرهاب الاجتماعي يمكن علاجه تماماً، ولا يوجد أي حاجز أو سقف عمري يمنع العلاج، وكان من المفترض أن تقدم نفسك للأطباء منذ فترة، ولكن بإذن الله يمكن مساعدتك كثيراً بالرغم من تأخرك في طلب العلاج.

العلاج ينقسم إلى علاج سلوكي وآخر دوائي، وكلاهما يدعم الآخر.

أما بالنسبة للعلاج السلوكي، فيقوم على المواجهة، وعدم تجنب مصدر الرهاب، وتكون هذه المواجهة في الخيال أولاً، بمعنى أن تحدد مصادر الخوف، ثم تتأمل وبعمق ولمدة لا تقل عن نصف ساعة في اليوم أنك تقف الآن في الموقف الذي يسبب لك الرهاب، فعلى سبيل المثال تأمل أنك كنت في صلاة الجمعة في أحد المساجد، ولم يحضر إمام وخطيب المسجد لسبب طارئ، وطُلب منك أن تقوم وتخطب وتصلي بالناس، أرجو أن تعيش مثل هذا الموقف في خيالك بكل تفاصيله، وكما ذكرت لك لمدةٍ لا تقل عن نصف ساعة يومياً، وأقل مدة مطلوبة هي 15 جلسة.

ويمكن أن تتأمل موقف آخر، كأن يطلب منك فجأة أن تُقابل أحد كبار المسئولين، ولا مفر لك من ذلك الموقف، فأرجو أن تعيش في خيالك مثل هذه المواقف وبصورةٍ جادة، فقد أثبتت جدواها العلمية، ووُجد أنها تقلل الخوف بنسبة 40% تقريباً، وبعد التطبيقات النظرية لابد أن تنتقل إلى الجانب العملي، وذلك بالتدرج، كأن تجلس مثلاً في المسجد في نهاية الصف الأول ثم تنتقل للوسط بعد ذلك.

توجد أيضاً تدريبات نفسية سلوكية مهمة، كأن تحاول دائماً أن تنظر للناس في وجوههم حين مخاطبتهم، مع تجنب استعمال اليدين عند المخاطبة.

لقد وُجد أيضاً أن ممارسة الرياضة الجماعية، وحضور حلقات التلاوة، والمشاركة فيها، يحسّن كثيراً من الكفاءة والتواصل النفسي، ويقلل من الرهاب، كما أن ممارسة تمارين الاسترخاء تُساعد كثيراً في هذا الشأن أيضاً.

أما العلاج الدوائي، فهو فعالٌ جداً، وتوجد بفضل الله عدة أدوية، أفضلها الدواء الذي يُعرف باسم (زيروكسات) أرجو أن تبدأ تناوله بواقع 10 ملغم (نصف حبة) ليلاً بعد الأكل، ثم ترفع الجرعة بواقع نصف حبة أيضاً كل أسبوعين حتى تصل إلى ثلاث حبات في اليوم، وتستمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة ستة أشهر متواصلة، ثم تبدأ بسحب حبة واحدة، وتضل على حبتين لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك تسحب نصف حبة كل أسبوعين (هذا الدواء من الأدوية السليمة والممتازة جداً، ومن آثاره الجانبية البسيطة أنه ربما يسبب زيادة بسيطة في الوزن، يمكن التغلب عليها بالتحكم في الطعام وممارسة الرياضة) .

أما الدواء الإسعافي والمفيد جداً لعلاج الرهاب والخوف، فيُعرف باسم (زاناكس) وجرعته هي ربع مليجرام إلى 1 مليجرام في اليوم، وهذا الدواء يُنصح باستعماله لمدةٍ قصيرة؛ لأنه بالرغم من فعاليته إلا أنه يُعاب عليه أنه ربما يسبب بعض الإدمان والتعود.

بالنسبة للزواج، أرجو يا أخي أن لا تتردد مطلقاً، وأنا متأكد من أنك بإذن الله سوف تنجح في كل ما يتطلبه الزواج، حيث أن الذي يصدك الآن ويجعلك تتردد هو التفكير السلبي والغير واقعي.

إذا أردت أن تراجع طبيب في منطقة الخبر، فالطبيب المتميز هو الأستاذ الدكتور: شيخ إدريس عبد الرحيم.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً