الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكار غريبة تسيطر عليّ ومن الممكن أن أفقد السيطرة، ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ شهر تقريباً شعرت بأفكار غريبة وهي أن أقوم بقتل أطفالي، وأصابني خوف شديد بسببها في أن أفقد السيطرة على نفسي؛ لأنها كانت ملحة.

أصبحت أخاف البقاء وحيدة معهم ولم أجد تفسيراً أو مبرراً لهذا الشعور، فأنا أحبهم جداً، وهذه الأفكار تقتلني.

الحمد لله تيسر لي الذهاب إلى الطبيب النفسي، ولكن لم يوضح لي ما أعاني منه، وأعطاني زيلاكس وهو اسيتالوبرام بالتدريج بدأتها ب (5 ميلجرام) والآن (20 ميلجرام) وسوليان حبة واحدة، أشعر بتحسن -ولله الحمد-، ولكن ما زال الخوف من أن تعود الأفكار بنفس القوة من جديد أو أن يحدث مستقبلاً شيء مما أخافه.

سؤالي: ما سبب هذه الأفكار؟ وهل يعني أنني خطر على أطفالي ومن الممكن أن أفقد السيطرة؟ وهل الأدوية تعالج هذه الأفكار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Najwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وبادئ ذي بدئ أسأل الله تعالى أن يحفظ لك أولادك، وأن يجعلهم قُرة عينٍ لكما.

أحسنت بأن ذهبت وقابلت الطبيب النفسي، والحالة -إن شاء الله- بسيطة لكنها فعلاً مفزعة ومخيفة لك، ليست حالة ذهانية أو عقلية، هي حالة نفسية معروفة جدًّا تُسمَّى بالوساوس القهرية، هذا الفكر فكر وسواسي متسلِّط، يأتي دون أي مقدمات، وقد لا تكون هنالك أي أسباب واضحة أو معروفة. فالوساوس تأتي لدى ستين بالمائة للناس دون سابق إنذار، أما في أربعين بالمائة من الناس فقد تكون شخصياتهم أصلاً شخصيات قلقية، قد تكون ناتجة من صعوباتٍ في التربية أو التنشئة في الطفولة المبكرة، قد يكون هنالك نوع من التفكير النمطي الوسواسي لدى أعضاء آخرين في الأسرة، بمعنى: أن التأثيرات البيئية - وكذلك التأثيرات الوراثية - قد تلعب دورًا في الوساوس.

بصفة عامة الوساوس أيضًا نجدها لدى الأشخاص الذين تتميّز شخصياتهم بالحساسية، باللطف، بالذوقية، وكذلك بالمنظومة القيمية العالية، دائمًا تجد الكثير من الموسوسين يهتمُّون بالفضائل، تجدهم من أصحاب المروءة.

الأمر -إن شاء الله تعالى- ليس بالسوء الذي تتصورينه، نعم الأفكار سيئة، الأفكار محزنة، الأفكار مخيفة، لكن -إن شاء الله تعالى- لن يحدث أبدًا شيء من محتوى هذه الوساوس، بمعنى آخر: أن أصحاب الوساوس لا يقدمون أبدًا على تنفيذ وساوسهم ما دامت ذات طابع عنيف، وهذه من رحمة الله، ولذا قلَّما نجد في محيط الجريمة شخص لديه وسواس قهري، نادرًا، طوال خبرتي في مجال الطب النفسي التي تمتد لأكثر من خمسة وثلاثين عامًا، ومن خلال تعاملنا مع أصحاب الجنح ومرتكبي بعض المخالفات - لم أجد وسطهم شخص واحد يعاني من وسواس قهري. فالأمر -إن شاء الله تعالى- بسيط، وأرجو أن تطمئني.

العلاج يتكون من علاج دوائي - مهم جدًّا - والفكرة حول العلاج الدوائي أن الوساوس غالبًا مرتبطة بتغيير في كيمياء الدماغ، هنالك مادة تُسمَّى سيروتونين ربما يحدث نوع من التأرجح والاضطراب في إفرازها، فتنظّم من خلال تناول الدواء.

عقار استالوبرام - على وجه الخصوص - هو من الأدوية المتميزة، من الأدوية الفاعلة، من الأدوية التي بالفعل تُعالج الوساوس القهرية، وأنا أبشرك أن الدواء دواء سليم جدًّا، السوليان قد يكون دواء مساعد، لا تتناولينه أكثر من جرعة خمسين مليجرامًا، لأنه ربما يرفع هرمون الحليب لديك، وهذا قد يؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية.

إذًا هذا هو العلاج الدوائي. العلاج السلوكي أيضًا مهم جدًّا، وهو أن تحقري الوسواس، وألَّا تُوسوسي حول الوسواس، وألَّا تحاوريه، وألَّا تحلِّليه، أغلقي الطريق أمامه، وأغلقي المنافذ أمامه، وردي في وجهه الباب، وقولي للفكرة (أنتِ فكرة قبيحة وحقيرة، وأنا لن أهتم بك).

الجانب الاجتماعي أيضًا مهم، أن تتواصلي اجتماعيًا، أن تهتمي ببيتك، بزوجك، بأولادك، القراءة، الاطلاع، الحرص على الصلوات في وقتها، التواصل الاجتماعي هذا كله علاج مطلوب، وهو علاج متيسِّر، فاحرصي على ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً