الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي يجعلني أتخلى عن كل طموحي ورغباتي ويبعدني عن اللقاءات!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري ٣١ سنة، متزوجة، وعندي طفلتان، وأنا ولا يوجد لدي مشاكل أسرية -ولله الحمد-، وعندي مرض الربو منذ الطفولة، وأنا فتاة رياضية، ومحافظة على وزني وطعامي اليومي -والحمد لله- ولكن مشكلتي منذ كان عمري ١٨ عاما، حيث إني أشعر بضيق في الصدر، وشرود في الذهن، وخوف مستمر إلا أني أكابر بتحملي لهذا المرض، ولكني أشعر بأنه يزداد سنة عن سنة، حيث أصبحت لا يخلو يوم من حياتي بدون ما أبكي لأني أشعر بالراحة بعد البكاء، أقترح عليّ زوجي بأن أرسل استشارتي لكم لعل الله يكتب لي الشفاء.

علما بأني امرأة لا أخرج من بيتي شهورا، وإذا خرجت أشعر بتعب شديد في اليوم التالي، إلا أني أصبحت أتشرد من الجلسات العائلية حتى لا أشعر بما أشعر به، وأحيانا بل دائما أشعر بأن عقلي ليس معي، وأني في عالم غريب، ولكني عندما أشرح مشكلتي لزوجي لا يصدقني. في داخلي طموح ورغبات إلا أن هذا الخوف يجعلني أتخلى عن كل طموحي ورغباتي، وعند استيقاظي من النوم أشعر بأني منهكة الجسد وتعبانة إلا أني أقاوم ما أشعر به.

في داخلي رغبة بالخروج مما أشتكي منه، ولكن لا أعرف كيف؟ علما بأني أرقي نفسي أحيانا، ولكني أشعر بتعب شديد وكوابيس وأحلام مزعجة بعد سماع الرقية، وبكاء، وخمول، وظهور كدمات زرقاء اللون على جسدي.

قررت بأن أرسل لكم استشارتي هذه، لعل الله يكتب لي الشفاء عن طريقكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة الخيري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من خلال وصفك لحالتك يظهر أنك محتاجة إلى متابعة الرقية الشرعية باستمرار وبطريقة صحيحة سواء من خلال رقيتك لنفسك بآيات الرقية الشرعية وأدعيتها، أو أن يرقي عليك زوجك، أو تذهبي إلى راق ثقة يرقيك؛ لأن الأعراض التي ذكرت أنها تقع لك تشبه أعراض الشخص المصاب بعين خبيثة أو سحر.

كما ننصحك بالتحصن بالأذكار صباحا ومساء، وكثرة الاستماع، وقراءة سورة البقرة، مع كمال الاعتقاد بأن الله هو الشافي، وتهيئة النفس للاستماع والإنصات للرقية بإخلاص، والإكثار من التسبيح والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه والصدقة بنية الشفاء والدعاء، والتضرع إلى الله مع كمال الثقة به وحسن الظن بكرمه ولطفه بك، -وإن شاء الله- يذهب ما بك من أعراض وتمارسين حياتك، وتحققين أهدافك بكل حيوية ونشاط.

كما ننصحك بالتفكير الايجابي بالحياة، وعدم الاستسلام للفشل أو للهم، بل دفعه بما سبق من أعمال وأذكار.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك، ويوفقك لما يحب ويرضى.
+++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. حسن شبالة استشاري العلاقات التربوية والأسرية، وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
+++++++++++++++++++
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
مرفق لك الإرشاد الشرعي من الأستاذ الدكتور حسن شبالة، وأرجو أن تطبقيه وتلتزمي به، ومن الناحية النفسية أقول لك: بك قلق نفسي، وهذا القلق فرض عليك حصارًا ذاتيًّا، ويظهر أنك بالفعل لم تضعي الآليات التي تُخرجك من هذه الحالة؛ ممَّا جعل القلق يُضاف إليه شيء من عُسْر المزاج يُطبق عليك.

الضيق في الصدر من النوع الذي تحدثتِ عنه هو دليل على وجود انقباضات في عضلات القفص الصدري، وهذه الانقباضات والتوترات سببها التوترات النفسية الداخلية المصاحبة للقلق، كما أن شرود الذهن وضعف التركيز والخوف المستمر كلها أعراض قلق المخاوف.

فإذًا حالتك هي -إن شاء الله- حالة بسيطة، والخروج منها ليس بالصعب، أنت تعرفين كل الإيجابيات وكل السلبيات، فابنِ على الإيجابيات، وحاولي أن تتخلصي من السلبيات، أنا أرى أن تنظيم الوقت سوف يُساعدك كثيرًا، والإصرار على الدخول في أنشطة اجتماعية، ومن أفضلها قطعًا الانضمام إلى إحدى حِلق تعليم القرآن، وهذه قطعًا ليست نشاطًا اجتماعيًا فقط، إنما هو نشاط شرعي عظيم يعود عليك -إن شاء الله تعالى- بخيري الدنيا والآخرة.

التواصل مع أهلك، مع ذويك، الاهتمام بشؤونك الزوجية والمنزلية، ومتطلبات الأمومة الصحيحة، التخلص من الفراغ الزمني والذهني ... هذه كلها علاجات مهمَّة جدًّا وتعطيك ثقة في نفسك، وممارستك للرياضة قطعًا ستعود عليك بخير كثير جدًّا، وأنصحك بأن تتجنبي النوم النهاري، وتحرصي على النوم الليلي، بشرط أن تذهبي في وقتٍ مُعيَّن للفراش (السرير) من أجل النوم، وتُهيئي نفسك لذلك، والأذكار - خاصة أذكار النوم- مهمَّة ومطلوبة لإزالة هذه الكوابيس والأحلام المزعجة، كما أنه من المهم جدًّا أن تتجنبي تناول الطعام الدسم أو المتأخر ليلاً.

إجراء فحوصات طبية مختبرية عامَّة أيضًا أمرٌ مطلوب؛ هذا للتأكد من وظائف الغدة الدرقية ومستوى السكر، ومستوى فيتامين (د)، هذه مهمَّةٌ جدًّا؛ لأنها كلها مكمِّلة للصحة النفسية.

أنت تحتاجين لأحد محسِّنات المزاج، هنالك أدوية مفيدة جدًّا، أعتقد أن عقار (سبرالكس) سيكون هو الأفضل بالنسبة لك، إن تمكنت أن تذهبي إلى طبيب نفسي هذا ممتاز، وإن لم تتمكني فالسبرالكس دواء سليم جدًّا وذو فعالية عظيمة لعلاج مثل هذه الأعراض، أنت تحتاجين للدواء بجرعة صغيرة، ابدئي بنصف حبة - أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- استمري عليها لعشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا لثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لأسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لأسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً