الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابنتي الصغيرة لا تحب التواصل مع الآخرين وتتعبني ليلا، فما توجيهكم؟

السؤال

أرجو استشارتكم في موضوع يخص طفلتي ذات عمر السنة و٧ شهور، هي متعلقة جداً بي، لا تحب الاتصال بالغرباء -أي شخص آخر غير أنا وأبوها- فإذا رأتهم تبكي.

سببت لي مشكلة كبيرة في كل ليلة أخلد فيها للنوم ترفض النوم وحدها، إذ لديها سرير خاص وغرفة خاصة، فأنام بجانبها حتى تغط في النوم، ثم أخرج لأنام في غرفتي، لكنها تصحو كثيرا في الليل باكية إذا لم تجدني بجوارها، وتأتي إلى غرفتي، فأضطر إلى الذهاب معها إلى سريرها والنوم إلى جانبها حتى لا توقظ أخاها الصغير ذا ال ٧ شهور، والذي ينام في غرفتي.

حتى إن نمت معها في سريرها الخاص ما إن أتقلب في نومي حتى تصحو وتحس بي وتبكي؛ إذ تخاف أن أغادر غرفتها، حاولت أن أقفل باب غرفتي ليلا، كنت أعتقد أنني إذا أقفلتها وأتت لي تبكي ولا تستطيع فتح الباب أنها سوف تبكي قليلا ثم تمل من ذلك فتعود إلى غرفتها، لكن ذلك لم يجد نفعا! إذ أنها ظلت تبكي وزاد بكاؤها بشكل هستيري، واستفرغت؛ مما اضررت إلى العودة والنوم معها!

أرجوك يا دكتور أن تدلني على حل معها، إذ أن علاقتي بزوجي توترت قليلا بسبب ذلك، كما أنني لا أرتاح ليلا أبدا، فأبقى متنقلة بين غرفتي وغرفتها، وأستيقظ مبكرا لأرعى طفليّ بجسمي التَّعِبْ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يحفظ لك ذريتك وأن يجعلهم من الصالحين.

المبادئ التربوية واضحة في هذا الخصوص، الطفل يتعلّق بوالديه نسبةً لاستجاباتٍ سلبية من الوالدين، بمعنى -أن الأم على وجه الخصوص، مع احترامي وتقديري لك - أتحتِ لهذه الطفلة فرصة التعلُّق بك، وهذا كثيرًا ما يحدث خاصة الطفل الأول على وجه الخصوص، أو الطفل الأخير أو الولد وسط البنات، أو البنت وسط البنين، وهكذا، هذا نسميه بالطفل الخاص، والتعلُّق استجابة متبادلة، يقول علماء النفس والسلوك أن الأم أيضًا بصورة لا شعورية تُحب أن يكون الطفل معها في كل لحظة في حياتها، وهذا يُقوّي ويُكثِّف هذه العلاقة الوجدانية، علاقة الاتصال الجسدي والنفسي والوجداني ما بين الطرفين - أي ما بين الأم والطفل -.

والعلاج -أيتها الفاضلة الكريمة- يكون:
أولاً: المشكلة -إن شاء الله تعالى- ليست مشكلة ضخمة، وليس من المفترض أن تؤدي إلى أي توتراتٍ بينك وبين زوجك، ولا أعتقد أن الفاضل زوجك سوف يتهمك بالفشل التربوي، لأن مجهودك أمامه واضح، وخير وسيلة هي ألَّا تُكافئي الطفل على البكاء، هذا مهمٌّ جدًّا، البكاء مؤلم جدًّا للأمهات، وهي وسيلة يتخذها الطفل لإخضاع الأم - وفي بعض الأحيان الأب - لإرادته.

فلا تستجيبي لبكاء الطفلة مهما صرخت، واتركيها في غرفتها، وليس هنالك أي قسوة في هذا الموضوع.

والأمر الثاني: حاولي أن تجعلي بينك وبين الطفلة مسافة في أثناء النهار، في أثناء اليوم، لابد أن يكون هنالك حيِّز جغرافي فيما بينكما، دعيها وحدها، دعيها مع لعبتها، اتركيها مثلاً تُشاهدُ شيئًا في التلفزيون، وتواري أنت عنها، وحين تفتقدك لا تتعلَّقي بها أبدًا، لا تكون استجابتك استجابة قويَّة، إذا اكتشفتْ أين أنت من البيت، في المطبخ أو أي مكان حيِّها تحيَّة معقولة، دون أن يكون هنالك مبالغة في التفاعل الوجداني، وهذا ليس جفاءً أبدًا.

هذه هي الأسس الرئيسية، أن تبتعد عنك قليلاً خاصة في أثناء النهار، وفي أثناء الليل لا تستجيبي لبكائها.

بعض الأمهات يربطن غذاء الطفل بمكان ووقت نومه، مثلاً الطفل لا يُغذَّى قبل أن يذهب إلى غرفته، إذا كان طعامًا أو حليبًا أو خلافه يتناوله وهو في فراشه أو على سريره أو في غرفته، هذه أيضًا وسيلة يمكن أن تُحاوليها... وهكذا هذه هي الأسس.

الطفلة صغيرة حقيقةً لازالت، وإن شاء الله تعالى بالتدريج سوف تتحسَّن الأمور تمامًا، وأيضًا حتى لا تُبنى غيْرَة سلبية بين الطفلة وأخيها، هنا اجعليها مثلاً تهتمّ بشؤونه، تُساعدك في تنظيفه، في لبسه، وشيء من هذا القبيل، هذا أيضًا يُساعد في بناء شخصيتها، ويجعلها إيجابية جدًّا حيال أخيها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن امل

    الشكر موصول الدكتور على التفضل بالإجابة و للقائمين على الموقع جميعا
    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً