الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخفقان وفقدت قدرتي على ممارسة الرياضة.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد، وتقبّل الله منا ومنكم صيام هذا الشهر المبارك، أما بعد:
عمري 25 سنة، في الستة أشهر الأخيرة ظهرت عندي بعض المشاكل الصحية والنفسية، ولم أكن أعاني منها قطّ في حياتي، كنت رياضيا منذ الصغر، أمارس الجري لمدة ساعة دون أي مشكلة، في شهر رمضان الماضي وقبله كنت ألعب كرة القدم قبل الإفطار بساعة ونصف إلى ساعتين دون مشكلة، وحتى في الأيام العادية.

فجأة أصبحت لا أتحمّل أي جهد بسيط، كالجري لمدة دقيقة، عند أي توتر بسيط يندفع قلبي بالخفقان لأقصى ما يمكن، كنت أحتاج في السابق إلى أقل من دقيقتين لكي يعود مستوى دقات القلب والتنفس إلى حالتهما الطبيعية، أما الآن فبمجرد الشعور بالخفقان وضيق التنفس يصيبني خوف شديد وأتراجع عمّا كنت أقوم به، -عمل أو ممارسة الرياضة- لأن الأمر سيكلفني ساعة لإرجاعهما إلى حالتهما الطبيعية، أصبحت أعاني أيضا من القلق وضعف التركيز وتشتت الذهن، بعيدا عن الاكتئاب الذي لا أملك أيّا من أعراضه -الحمد لله-.

طبيب الحنجرة والأنف والأذن أخبرني أنني سليم، يكفيني فقط أن أنقص من التدخين أو أن أتركه، وهذا ما أريده أيضا، لأنني أدخن منذ سبع سنوات ولم يؤثر التدخين في لياقتي البدنية، تحليل الدم كان إيجابيا، ولا أعاني من فقر الدم، أيضا ذهبت لطبيب آخر وقال لي أن مستوى دقات قلبي طبيعية، ولا يوجد أي مشكلة في جهازي التنفسي، وأعطاني بعض المكملات الغذائية ونصحني بالرياضة.

قمت بالتسجيل البارحة في الجيم لكي أسترجع حيويّتي ونشاطي ولياقتي البدنية، لأنني لم أكن على هذا الحال من قبل، لكن بمجرد البدء في الإحماء يبدأ الخفقان، وضيق التنفس، وأصاب بنفس الخوف فأتراجع عمّا أريد القيام به، أعرف العياء البدني جيدا كما أعرف ضعف اللياقة البدنية، لكن الذي أعاني منه لا أعرف ما هو؟

أغلب الظن سيكون انخفاض بمستوى السكر في الدم، لأنني في هذه الفترة اتبعت أحد الريجيمات دون استشارة طبية، طولي 180 سم، ووزني 78 كغ، كما أنني أخدت دواء للارتجاع المريئي لكن دون جدوى.

أرجوا أن تفيدوني في أقرب وقت، وجزاكم الله خيرا، وهل يمكن أن تتطوّر حالتي وأصاب بفقدان الشغف أو الاكتئاب؟ ما العمل -ا دكتور؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الباسط حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ندعو الله لك في هذا الشهر الفضيل بالإقلاع عن التدخين؛ لأنه آفة كبرى ألمت بالجميع، ولكن الإقلاع عنه لا يأتي بالأمنيات وحسب، بل يحتاج إلى الإرداة والعزيمة التي تقوي المدخن لتحمل بعض الأيام الصعبة التي تلي التوقف عن التدخين.

والتدخين يعتبر من أهم أسباب ضيق التنفس وتسارع نبض القلب، بالإضافة إلى أسباب أخرى، ومن المعلوم أن الهيموجلوبين الناقل الحصري للأكسجين في الدم يفضل الارتباط بغاز أول وثاني أكسيد الكربون الموجودان في السيجارة أكثر بحوالي 210 مرة من ارتباطه بالأكسجين، فيظل الهيموجلوبين في حركة دائمة بين الخلايا والرئتين محملا بالغازات السامة دون حمل للأكسجين، فيؤدي ذلك إلى الشعور بالخفقان والتعب العام والإرهاق وضيق التنفس والأرق، وكلما مرت سنوات التدخين كلما تأثرت واهترأت الحويصلات الهوائية في الرئتين؛ مما يؤدي في النهاية إلى فشل الرئتين عند المدخن.

ولذلك من المهم أن تكون إيجابيا وتنتهز فرصة شهر رمضان المبارك وتعمل على التوقف الفوري عن التدخين من خلال الإرادة القوية، والعزيمة، والرغبة في الشفاء، وهي الحافز الوحيد للإقلاع عن التدخين، ولا تحتاج إلا إلى إسبوعين فقط لكي تتخلص خلاياك من حالة الإدمان التي يسببها التدخين، وبعد تلك الأيام وبعد انسحاب مادة النيكوتين المسببة للإدمان من دم المدخن فلن تعود إلى التدخين مرة أخرى.

أما السبب المهم الذي يؤدي إلى الخفقان وضيق التنفس والخوف الشديد لديك فهو تولد حالة من الهلع أو panic disorder نتيجة اضطراب مستوى هرمون سيوتونين في الدم، ونوبات الهلع هذه تتعلق أساساً بأسباب نفسية, وغالباً ما تظهر لأول مرة بعد حادثة بعينها، أو إحباط يعيشه الشخص، والعلاج يحتاج إلى زيارة طبيب نفسي لعمل عدة جلسات تسمى بالعلاج المعرفي والسلوكي، أي معرفة طبيعة المرض وكيفية التعامل معه.

ويمكنك لعلاج تلك الأعراض تناول حبوب Cebralex 10 mg، والتي تساعد في ضبط مستوى هرمون سيوتونين في الدم، وتحسن الحالة النفسية والمزاجية، حيث نبدأ بجرعة 10 مج لمدة شهر، ثم جرعة 20 مج لمدة 10 شهور، ثم جرعة 10 مج مرة أخرى لمدة شهر، ثم تتوقف عن العلاج، مع تناول كبسولات celebrex 200 mg، وكبسولات myolgin، مرتين في اليوم كعلاج مسكن للألم.

مع أهمية تناول كبسولات فيتامين (د) الأسبوعية 50000 وحدة دولية كبسولة واحدة أسبوعيا لمدة شهرين، ويمكن تكرارها بعد 4 شهور مرة أخرى، ويفضل أخذ حقنة فيتامين (د) 600000 وحدة قياس مرة واحدة، وتكرر بعد 4 شهور مرة أخرى، مع تناول أقراص كالسيوم 500 مج، تمضغ مرتين يوميا لمدة شهرين أيضا، وهذا لا يغني عن الحليب ومنتجات الألبان يوميا.

مع ضرورة أخذ قسط كاف من النوم، لأن الجسم يفرز مواد مسكنة ليلا أثناء النوم تسمى Endorphins وهي في الواقع مواد تشبه المورفين في تأثيرها الطبي على جسم الإنسان morphine-like chemicals، دون أن يكون لها مضاعفات جانبية، ولذلك ننصحك بالنوم ليلا مدة لا تقل عن 6 ساعات، وقد تقل تلك المدة في شهر رمضان المبارك، ونوم القيلولة لمدة ساعة أو أقل ظهرا، وسوف ينعكس ذلك على حالتك الصحية العامة -إن شاء الله-.

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً