الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج والعفاف ولكنني لا أمتلك المال

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاب، عمري 30 سنة، متدين -والحمد لله-، أعمل في مجال صيانة الكمبيوتر والدش وتركيب كاميرات المراقبة، لدي مشكلة وهي أنني أريد الزواج ولكنني غير مقتدر ماديا، وهذا الكلام منذ حوالي 5 سنوات، يمر يوما بعد يوم وأنا غير قادر على الصبر وتحمل كل مآسي الحياة، وأصبت بمرض السكر، قلت الحمد لله على كل حال.

الآن مع تقدم العمر وعدم مقدرتي على الزواج انصب تفكيري بكل قدراته على التفكير في الإناث، والشيطان يوسوس لي ويجعلني أفكر وأنظر في أمور لم أفكر بها من قبل، فنفسيتي محطمة لدرجة كبيرة جدا، وبصراحة أنا وصلت لمرحة فقدان التحكم في نفسي رغم أنني أصلي، فماذا أعمل كي أرجع نفسي لصوابها؟ وآسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن ييسر أمرك، والحمد لله الذي وفقنا وإياك إلى طاعته.

اعلم أخي الكريم أن من يرغب بالزواج لإعفاف نفسه ويريد بذلك أن يكمل نصف دينه، فإن ذلك الله يعينه وييسر أمره قال تعالى { وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }[ سورة: النور - آية: 32 ]. وبوب الإمام النسائي في سننه بَابٌ: مَعُونَةُ اللَّهِ النَّاكِحَ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ وجاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمُ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ". رواه الترمذي والنسائي وغيرهما، والذي عليك فعله أن تحسن النية في طلب الزواج وأنك تريد العفة والبعد عما حرم الله، وعليك أن تحسن الظن بالله وأن الله سيكون معك، وييسر لك الزواج، ثم عليك بتقوى الله في السر والعلن، فإنه" من يتق الله يجعل له مخرجا"، وعليك بكثرة الدعاء والاستغفار والإكثار من قول لاحول ولا قوة إلا بالله، وابشر بخير بإذن الله تعالى.

أما ما حصل من معصية في النظر إلى ما حرم وغير ذلك مما ذكرت، فهذا أمر محرم وعليك سرعة الإقلاع عن ذلك، والتوبة إلى الله تعالى، واعلم أن هذه الأمور المنكرة ستعقد عليك أمر الزواج، ولن تكون حلا، بل يخشى أن تكون هذه المعاصي لك عادة ثم يصعب تركها، ومما أنصحك به أن تكثر من الصوم حتى تحد من تأجج الشهوة لديك، فعن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ ؛ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؛ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ". رواه مسلم.

وأخيرا لا داعي للشعور باليأس وأنك فقدت السيطرة على نفسك، بل بالعكس تماما أنت تقدر على ترك ما وقعت فيه من الحرام إذا استعنت بالله، وصدقت في توبتك إلى الله، وعزمت على ألا تعود إلى تلك المعاصي، وأكثرت من قراءة القرآن والاستغفار، وشغلت نفسك بكل نافع ومفيد، وابتعدت عن التفكير في تلك المعاصي.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا محمد

    السلام عليكم.
    أولا أشكر الدكتور على إجابته الممتازة، كما أنصح الأخ السائل بمجاهدة الهوى ونفسه وأن يبذل أسباب الزواج ولا يكلف نفسه تكاليف كثيرة في الزواج فليبحث عن عائلة متدينة ييسرون له المهر ويتوكل على الله والله المستعان.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً