الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فسخ الخطوبة بعد الإحساس بالنفور من الخاطب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خطبت من شخص أحسبه ذا دين وخلق، ولكنه يضعف أحياناً أمام شهواته ويخطئ وينظر إلى النساء الفاتنات في الشارع، لكنه يعترف لي بذلك ويقول لي أنه يقاوم نفسه، وهذا ما سبب لنا بعض المشاكل في هذه الفترة، فطالما كان يريد أن نلتقي ولو في أماكن عامة؛ ذلك لأنه كان يخجل من المجيء إلى المنزل وسط الأهل، رغم أنه خطبني من أبي وتمت الموافقة؛ ذلك لأن عائلتينا غير ملتزمتين، وتتبعان التقاليد التي "تنافي شريعتنا أحياناً".

ونحن نتكلم عبر الهاتف مرة في الأسبوع الآن، وقد بدأت صلاة الاستخارة منذ يوم، وبدأ فيما بعد يظهر لديّ نوع من الشكوك في خطيبي والنفور القلبي، رغم عدم وجود سبب ظاهر يبرر هذا، وما زلت أصلي صلاة الاستخارة، ولكن المشكلة أنه تأتيني أيام أجد فيها إقبالاً من قلبي عليه.

أنا الآن جد حائرة، ولا أعلم إن كانت وساوس الشياطين أو إشارة من عند الله، ولا أعلم هل يجب أن أفسخ خطوبتي أم أنتظر قليلاً؟

أعينوني من فضلكم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عوناً لك على طاعة الله ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – أقول لك : أما عن هذه الأخطاء التي تحدث من خطيبك، فهي حقيقة بالنسبة لغيره تعتبر شيئاً محموداً؛ لأن الكثير من الشباب الآن لا يتورع عن ارتكاب كثير من المعاصي – نسأل الله السلامة والعافية – وكونه يعترف لك بذلك معناه أنه على استعداد أن يتغير، خاصة وأنه كما ذكرت صاحب خلق ودين، ولكن هذه نقطة ضعفه، ومع تذكيره - إن شاء الله وبإذنه تعالى – وبنصحه سوف يُقلع عنها ويستطيع أن يتخلص منها - بإذن الله تعالى – إن وجد من يساعده على ذلك.

مسألة أنه عرض عليك أن تلتقوا في مكان عام بعيداً عن المنزل؛ لأنه يخجل من المجيء إلى منزلكم وسط الأهل، أقول: إن الخطبة لا تجيز هذا اللقاء، فإن الخطبة عبارة عن وعد بالزواج وليست زواجاً؛ ولذلك لا يجوز لك أن تلتقي معه أبداً بحال من الأحوال؛ لأن هذا محرم شرعاً؛ لأنه مازال بالنسبة لك رجلاً أجنبياً وأنت بالنسبة له ما زلت امرأة أجنبية، حتى الكلام مرة في الأسبوع أيضاً هذا فيه نظر شرعي؛ لأنه أيضاً الكلام نفسه قطعاً قد يكون فيه محظور أو مليء ببعض الكلمات العاطفية أو الغرامية وقد يزيد على ذلك، وهذا كله لا يجوز شرعاً؛ لأنه لم يعقد عليك، فمجرد الخطبة لا تجيز لا الكلام ولا الخروج.

ولذلك أنا أتمنى - بإذن الله تعالى – أن الله تبارك وتعالى يفتح عليك وتجتهدي معه في أن يتقدم لأهلك بطريقة رسمية، وأن يعقد عليك، حتى لو تكلم معك في أي شيء يكون كلاماً مباحاً، ولو خرج معك أيضاً مثلاً لأي مكان يكون هذا زوجك، ما دام لا يحدث بينكما ما يحدث ما بين الرجل وامرأته، فإن الأمر يكون - إن شاء الله تعالى – كله لا حرج فيه، وهذا ما أفضله.

وأتمنى أيضاً كما ذكرت ألا تقفي طويلاً أمام مسألة نظره للنساء؛ لأن هذه معصية من المعاصي ومن الممكن - بإذن الله تعالى – أن يتم معالجتها مع وجود من يعين ومن ينصح ومن يُذكر، وإن شاء الله تعالى من الممكن أن يتخلص منها، ولا يرفض بسببها، خاصة وأن فيه محاسن أخرى كما ذكرت بأنه صاحب خلق ودين.

موضوع الاستخارة فما دمت قد استخرت في المرة الأولى فيكفيك هذه الاستخارة واستعيني بالله تعالى، وتوكلي على الله، ولا تلقي بالاً لمسألة هذا النفور القلبي؛ لأن هذا مع الأسف الشديد يحدث أحياناً خاصة إذا طالت فترة الخطوبة أو فترة عقد القرآن، فتتبدل هذه العواطف وتتغير المشاعر؛ ولذلك مرة في حالة رضى ومرة في حالة غضب، مرة في حالة حب ومرة حالة نفور، هذا ليس عندك وحدك – ابنتي- وإنما معظم كل من ترتبط بأخ خلال هذه الفترة تحدث هذه الحركات من المد والجزر في العواطف والمشاعر، فمرة – كما ذكرت – حب ومرة بغض، ومرة نفور ومرة كراهية، ومرة تفاهم ومرة سوء تفاهم، ومرة أريد ومرة لا أريد، حتى يحدث - إن شاء الله تعالى – ما قدره الله تعالى.

فأنا لا أعتبر هذه المسائل سبباً لفسخ الخطوبة، وإنما عليك أن تنتظري - بارك الله فيك – وأن تطلبي منه أن يتقدم لأهلك رسمياً عن طريق العقد الشرعي، وذلك أفضل، حتى لو تكلمت معه فأنت تتكلمين مع وزجك، وأيضاً عندما يكون هناك عقد شرعي صحيح لن تكون هناك هذه الذبذبة التي أنت تعانين منها الآن، لأنك ستعلمين أن هذا زوجك وأن الأمر قد انتهى وأن أي تفكير آخر خلال الديمومة واستمرار الحياة الزوجية سيكون مرفوضاً؛ لأنه لا يُعقل بعد أن عقد عليك أن تقولي أنا أطلب الطلاق.

ولذلك أقول: إن استطعت – جزاك الله خيراً – أن تقنعيه بأن يعجل بالعقد عليك في أقرب فرصة لكان ذلك خيراً، حتى تكونين تحت مظلة الشريعة، وهذا العيب الذي ذكرته بالنسبة لنظره للنساء الفاتنات في الشارع أقول هذا العيب من الممكن أن تعينيه على التخلص منه بالمعاملة الحسنة وبالإقناع والحوار الهادئ الهادف والثقة المتبادلة، فتوكلي على الله واستعيني بالله، وحاولي كما ذكرت معه أن يتم العقد بينكما في أقرب فرصة، ولكن لا تخرجي معه لا إلى الشارع ولا إلى غيره؛ لأن هذا لا يجوز شرعاً، كذلك موضوع الكلام أتمنى أيضاً أن تتوقفي عنه حتى يتم العقد - بإذن الله تعالى – وعليك بالدعاء أن الله تبارك وتعالى يصلحه ويصلح ما بينك وبينه، ويعينه على طاعته، وأن يجعله زوجاً لك ما دام فيه صفات الخلق والدين التي هي هدف وغاية، والتي هي من أسس القبول الذي جعله الله تبارك وتعالى أساساً لقيام الحياة الزوجية بين المسلم والمسلمة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله تبارك وتعالى أن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجمع بينك وبين خطيبك بعقد شرعي صحيح قريباً، وأن يجمع بينكما تحت سقف واحد تؤسسان لبنة مسلمة طيبة مباركة في صرح الأمة الإسلامية العظيمة.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً